-عدم اعطاء الأولوية للزمن، في حين أن الزّمن هو أحداث، تطورات، موازين قوى، تراكمات، ديناميكية اذا ازدادت تعقيدا فهي تَعظُم الى حدّ استعصاء تفكيكها وتأخذ بالجميع إلى ما لا يريدون.
- عدم الاكتراث بضرورة تشريك الكفاءات المستقلّة في إدارة الانتقال وعدم تعظيم المثقفين وحُكماء البلد مقابل تصدّر النكرات في معالجة الشأن العام، ممّا يجعل هذه الكفاءات مهمّشة وبالتالي متوترة، ولا تنخرط فعليّا في تجاوز الانسداد عند الحاجة.
- عدم الاكتراث بمخاطر استراتيجية أصحاب المصالح السّابقين والباحثين عن الريع في استرجاع -والحفاظ على- مواقعهم وهو في ضوء التجارب الانتقالية التي هي اختزال للصّراع بين القديم والجديد، الاّ انها توصّلت الى تغيير حلبة الصّراع من ثنائيات اجتماعية واقتصاديّة موضوعيّة الى ثنائيات ايديولوجيّة مُفتعلة، اتُّخذت كواجهة واستَنفذت الطاقات وولّدت تجاذبات صُلب المنظومة الجديدة.
- عدم اعطاء محتوًى للمفاهيم والشعارات التي جاءت ذات (17-14) جانفي وعدم ترسيخها في أذهان الناس لا في البرامج التربوية ولا في الخطابات الرسمية ولا الحزبية ولا في البرامج الاقتصادية ولا في القرارات ولا في الاعلام الى أن أصبحت محلّ تندّر من أشباه المثقفين وأشباه الخبراء والقُصّر الذين تعلّقوا بالشّكل والاجراءات والتوصيف في سياق صناعة رأي منحرف عن جوهر الامور. ساهموا بذلك في تسطيح الوعي ونسف الثقة بين أبناء الوطن الواحد، بل الجهة الواحدة والحي الواحد والعائلة الواحدة، ممّا سهّل مهمّة المناوئين والمتربصين والذين هم في قائمة الانتظار.
- عدم الرّد الفوري على الاشاعات الماسّة من هيبة الدّولة وبالمؤسّسة الرسمية وحتى من ذوات النّاس إلى أن أصبحت حقائق ثابتة يستحيل فسخُها من الذاكرة الجمعية. وهي زرع بذور الكراهية ونفي الآخر والعنف الذي هو من أهمّ عوامل فشل الانتقالات، الى حدّ الجدال في البديهيات.
- الانسداد الدّستوري الذي وقعت فيه البلاد، ليس إجرائيا كما رُوّج له، بل هو انسداد الأُفق لدى غالبية النخبة السياسية والمدنية في داخلها التي لم تتوصّل الى طرح بدائل وطنية جامعة، تقطع مع الماضي وتضع تونس في مسار يليق بها وبرأس مالها البشري وتاريخ فكرها الوسطي وثراء مرجعياتها، بل قدّمت الفردي على على المؤسسي، والظرفي الزائل على الهيكلي الدّائم، والجزئي المُخفي للتعدّد على الكلّي الشامل، والشخصي الذاتي على الجمعي الموضوعي، والسّطحي الشكلي على الجوهري الحقيقي، وانتقاد الآخر على النقد الذاتي.
- كل مسارات الانتقال الديموقراطي تلقّت صدمات، ليست كلّها بالضرورة قاسمةً، لكنّها حمّالة بالدّروس المستفادة.