سيناريو -1-
يتقدّم الجانب التونسي بوثيقة تتضمّن قراراتٍ هدُفها "ارضاءُ" صندوق النقد الدولي، ولكن غير قابلة للتنفيذ باعتبار عدم دقّتها وعدم ضمان تطبيقها في المنظور الزمني المُعلن، فيتقدّم الصندوق ببدائل متمحورة عمومًا [يحتاج الى تفصيل] حول (1) التقليص من حجم القطاع الحكومي وتخفيف العبء على الصناديق الاجتماعية، (2) التقليص من مجال تدخّل البنك المركزي المباشر في تمويل الاقتصاد،(3) نظام صرف مرن، و (4) شروط مؤسّسية لضمان تنفيذ مصفوفة الاصلاحات التي فيها التفصيل في النقاط (1-4) أعلاه.
وفي هذه الحالة، حتى وان تمّت الضمانات المؤسّسية، وهذا مُستبعدٌ باعتبار ضعف القُدرات المؤسسّية الحالية، فلن تكون حاجياتُ التمويل مُعبّأةً بالكامل خلال هذا العام الجبائي باعتبار لوائح الصندوق، الاّ اذا تمّ (1) التنسيق مع المؤسّسات المالية الدولية الاخرى -على غرار التجربة اليونانية- ولكن لا مفرّ من اجراءات صارمة قد لا يقدر عليها التونسيون وقد لا يصبرون عليها، وقد لا يُستكمل تمويل الميزانية هذا العام الاّ بضرائب اضافية مُستعجلة -عبر المراسيم- وزيادة الاقتراض من السوق الداخلية بتدخل من البنك المركزي، ممّا يزيد للطين بلّة ويستمرّ عدمُ استدامة الدين، فيتدهورُ ترقيمُنا السيادي وتتضرر مؤسساتنا المصدّرة والمستوردة وكذلك صدقيتها.
سيناريو-2- :
يتقدّم الجانب التونسي الى صندوق النقد الدولي بمبادرة غير دقيقة كما يحتاجها الصندوق، وفي نفس الوقت لا يقبل بكلّ البدائل التي يفرضها الصندوق باعتبار عدم القدرة على تقديم ضمانات لتنفيذها. وهذا ما يعلمه الصندوق جيّدًا من خلال الماضي القريب حيث كانت، مثلا، زمن حكومة الشاهد كل الظروف من دعم اعلامي وحزام سياسي وتعاطف أجنبي وسلاسة في العلاقات بين البنك المركزي والحكومة، وعلاقات ثنائيّة يمكن استثمارها مع العديد من الدول كالحصول على ضمان من أمريكا مكّن لتونس من الخروج الى الاسواق المالية العالمية لتعبئة الموارد بتصنيفٍ أمريكي أو الحصول على وديعة قطرية وقبلها من الساموراي ومن ناتاكسبس، ووزارة خاصّة لا تعمل الاّ على مصفوفة الاصلاحات التي كان -من المفروض- مقدورًا عليها او على النصيب الاكبر منها.
واستقرارًا سياسيا دام اكثر من ثلاث سنوات، ومع ذلك فشلت هذه الحكومة في الانجاز. وفي هذه الحالة (1) قد تنتهي المحادثات مع الصندوق بدون نتيجة -اي بدون تمويل-. وعلاوةً على اقرار ضرائب اضافية واستدانة اضافية من السوق المحلية، فان المآل سيكون مآل السيناريو الاول، او (2) أُخذ صندوق النقد الدولي الازمة المالية الشاملة بين يديه ويطرحُ للجانب التونسي برنامجًا متكاملا على (3-4) سنوات يتضمّن الاهداف والسياسات ومؤشرات التقييم الكمّي، ويكون فيه منسوبٌ عالٍ من التحوّط حيال استرداد التمويل، كأنْ يبادر مثلا في أفق العام الثاني باسناد دعم للميزانية ويحفّز المانحين الآخرين بالفعل بالمثل…
أخيرًا، يبدو انّ شروط (1) الاستقرار المؤسّسي بما في ذلك السياسي، و(2) ضمان تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، بما في ذلك انخراط كل الفاعلين بدون استثناء، و(3) ضمان تسديد الديون، بما في ذلك تسجيل نمو اقتصادي عالٍ، و (4) "التعامل الاستراتيجي" مع مراكز النفوذ الاقتصادي والسياسي في العالم بما في ذلك من علاقات ثُنائية، تحتاج (هذه الشروط) الى تغييرات جوهرية داخلية، ولكن سريعة. ذلك انّ الرياح العاتية لا تنتظر وصول المركب الى المرسى حتى تعصف.