– " ليس هناك "قضية فلسطين"، لأنّه ليس هناك قاضٍ ولا محكمة "
– "ليس هناك "استعمار"، لأن الاتفاقية الموقعة في عام 1881، لا تنص الاّ على "الحماية".
– "ادعم ترشيح وزير الثقافة لأنه انجز دكتوراه وله من الحماسة والقدرة على الانجاز ولأنه ليس مثل الذين عمت بصيرتُهم".
– "برنامجي هو "مشروع"، و"صاحب المشروع هو الشعب الذي يريد".
– "لن نُفرّط ولو في مليم واحد من أموال الشعب."
– "الأحزاب السّياسية ليس لها مستقبل".
هكذا بنى خطابه الغامض وعبّر عن فكره السياسي – خارج نظرية الدولة– واستعطف جزءً هاما من شباب فقَدَ الثقة في النخبة السياسية ونشأ في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتتالية؛ شبابٌ فاقد للسند ولا يرى مخرجا لواقه المعقّد في المنظور القريب.
وبدون الوقوف عند طريقة ادارته للدّولة التي لم نقرأ كلمة واحدة عنها لا عند "مكيافيلي" ولا "توكفيل"، ولم نشهد لها مثيلا في تاريخ توتس المعاصر بتقلباته وانجازاته وخيباته، فالأرجح أنّه على حسن نيّـــةِ بما أوتي من تكوين سياسي وفكري دفعاه لاستسهال تسيير دواليب الدولة بما فيها من قضايا إقليمية وعالمية معقدة استوجبت الاستشراف وعمق النظر، وبما فيها من تصريحات رسمية استوجبت التحري والاتزان وبما فيها من صدقية استوجبت عدم التناقض.
أقول إنه على حُسن نية لأنه استسهل التجديدَ الفكري لنماذج معقّدة لا محالة لكن عفا عليها الزمن، وتنزيلَها في واقع مُغاير تماما. بُنيت أصـولها على الفعل الجماعي والتمثيليات المحلية الجهوية (الصين) أو القطاعية (روسيا) أو قد يكون كذلك "للترف الفكري" مثل الزعامات المحلية وكبار الناخبين (أمريكا) أو التعاضديات (كندا). وبدون الغوص في هذه القضايا المرفوضة علميا واجتماعيا وسياسيا (قد ارجع اليها بالتدقيق في مقال آخر) فانّ المتحدّثين بهذا المنهج يبدو أنّهم ليسوا مسيطرين على المفاهيم الماركسية وغير مُلمّين بحيثيات الواقع التونسي وطبيعة مجتمعه.
وكأنهم متقاسمون للأدوار، اذْ بقدر ما خُدشت هيبة الدولة وساءت حالتها، بقدر ما خرجوا الى العموم واخذوا يؤولون الدستور ويُنظّرون لمستقبل البلد بوسائل تحليل بدائية من مرجع نظري لم يقْدر أهلُه الاصليون ذوي المستوى الأكاديمي على تجديده، كأنْ لا يهتم احدُثهم بالقضايا الثقافية والهووية ودمجها فيما سمّاه بالـــ"فضاء الخاص" وانّ "الفضاء العام" هو المشترك لا عادة انتاج وسائل الإنتاج! في حين انّ حدود الفضاء الخاص والعام مدعاة للمراجعة وللتدقيق في الوقت الحالي، الى غير ذلك من التحاليل البسيطة ام لم نقل السطحية.
وقد يكون كذلك على حسن نية عندما يرنو – كما يبدو– الى الانفراد بالسلطة حتى ولو كان ذلك على حساب مؤسسات الدولة مما يهيئ الأرضية الى "الفوضى الاجتماعية" و"اعتصاب الدولة"، الشيء الذي يوائم تماما توجّه الفوضويين وادبياتهم في القرن التاسع عشر بدعوى الحرية والمساواة باستهداف اركان الدولة، كما يدعو هذا الى التفكير في خواطر التآمر التي وفقها يكون الوضع في حالة عدم استقرار دائم، فتضعف الدولة وتقل مواردها وتتفكك أركانها ويسطو عليها المتربصون.
ويبدو انّ هذا الخطر ليس محسوبا، ولذلك قلنا إنه على حُسن نيّـــة.