وقد مرت ثلاث ساعات على انطلاق الفرحة بالصاروخ والان اظن العواطف قد هدأت قليلا بدليل عودة جمل المناكفة السياسية (خبزنا اليومي ). هناك جملة متفائلة صالحة لهذه اللحظة وهي اول الغيث قطر ثم ينهمر وهناك جملة واقعية جدا (تلامس الاحباط) خطاف واحد لا يصنع الربيع .
انا فرحت مثلكم باول الغيث فما انا الا من غزية .. لكني عدت بسرعة الى الخطاف اليتيم … محمد الفريخة خطاف يتيم … اقارنه منذ ايام ببقية الطيف الغني او من نسميهم رجال الاعمال في بلادنا وانظر في ما صنعوا ويصنعون … واجزم ان فيهم من يملك من الاموال ما يطير به صواريخ كثيرة، ولكنه يستثمر في تعليب المياه المعدنية او يفتتح مدارس خاصة يشغل فيها متقاعدي التعليم العمومي .
وكثير منهم يراكم ثروته بالتحايل على نظام الضرائب هروبا او تزييفا . استثمارات صغيرة مضمونة (صفر مخاطرة) ولا تقدم اية قيمة مضافة للبلد … رغم ان مجالات الاستثمار مفتوحة …
وانه لمؤلم حد الذبح ان نرى خطافا يتيما يطير الصواريخ بينما يعجز بقية الطيف على استثمار منتوجنا من الحليب فنسكبه في كل ربيع في المجاري …
فكرتي الحزينة في قلب الفرح …ان الغزو (المجد العظمة القوة ) هي ابستيمولوجيا وليس فعلا فرديا اعني ان البلد ورجالاته الذين لا يفكرون كتيار فكري وعملي ويحتكمون الى فكرة وطنية مؤمنة بالإنسان ولديهم روح قومية لنقل روح جماعة منتصرة لذاتها وتوظف امكانياتها في نفس الاتجاه (ليس بالضرورة تصعيد صواريخ للفضاء ) سيتركون الخطاف اليتيم يحلق وحده …ولا يدفعون الى الربيع المشترك …
هذه الروح لم تظهر في خطاب الرئيس (وانى له ). الردة السريعة الى التنابز السياسي (بنصرة الفريخة او بتخذيله) هي اطلاق نار مكثف على الخطاف اليتيم …
اعذروا واقعيتي …. كلما اردت تقوية ايماني بالشعب التونسي تذكرت انشغاله بالخبز …ولحم الدجاج … عندما اقرا تاريخ اوروبا وخاصة بعد الحرب الثانية وانظر في دور الرساميل الخاصة في صناعة قوتها ومجدها …. ارتد …الى غطاء علبة الحليب …