اعرف نفسي بكثير من الفخر باني ابن الجامعة التونسية (ومدرستها ) وقد دخلت الجامعة سنة 83 وفي نفسي رهبة وعندي تقدير كبير للأسماء التي بلغت مسمعي قبل دخولها وخاصة في برنامج الباكلوريا .. كنت احفظ اسم المهيري وعبد الوهاب بكير وعثمان الكعاك من كتابي النحو والصرف الازرقين ..وكان اسم توفيق بكار مرافقا لاسم المسعدي وكنت قرات كتاب الاجتماع النظري الخلدوني لابي يعرب (ولم افهمه طبعا) عام الباك ...في كلية منوبة كان العميد الشرفي بغليونه يثير اعجابي، بل انبهاري …
اول دخولي وقعت تحت تأثير جعيط كان كتاب الفتنة الكبرى مخيفا .بفرنسيته الصميمة ..لطالب مبتدئ ..ثم قرات كتاب الكوفة ...فملكني ..ورايت الكاتب من بعيد في كلية 9 افريل ..وحضرت بعض دروسه . ثم كان لي اساتذة بجلتهم وحضرت دروسهم بروح تلميذ ابتدائي الهرماسي والوردني وبوحديبة والسنطبولي …
حضرت دروسا خارج قسمي واستفدت ...وبقي في نفسي تقدير عال للجيل المؤسس .وللكلية التي درست بها واعمل واستشعر بها روح المؤسسين وأعلم طلبتي احترام المكان (وقد وجدت بالطابق الرابع شقوفات البيرة وشكاير الشيبس) .(ورايت الطلبة يلعبون الورق بالقاعات ويتغيبون عن الدرس) .وحتى اللحظة وانا اتجرا على تعريف نفسي بزمالتهم مازلت احفظ لهم مكانة الاساتذة ( في دائرة صداقات استاذي توفيق بكار تعرفت على زملائه الشريف و قسومة وطرشونة وجلست امامهم تلميذا).. وقد تابعت ما فعل الاعلام الواطي بالأستاذ الطالبي ويوسف الصديق..وتألمت من عجزي.
والان وانا ارى اخر عظماء الجامعة التونسية يقاد الى المخفر لا يمكن الا ان يوجعني قلبي ...واشعر بالبؤس يفيض على جوانجي ...حتى اني وجدت أن من ماتوا قد نجوا من البهذلة …
سأختصر هذا الرجل النذل يمسح تاريخ بلد وجامعة ونخبة ...ويفتح البلد على خراب بلا قاع ...واقسم لكم بروح ابي وامي لو وجدت عملا يغطي مصروف الاولاد وقروض البنك لاختفيت من خريطة الاكاديميا التونسية فهذا العار غير قابل للمحو ...سأنتظر شرف ان اقاسمه الزنزانة ...وسأخدمه ..في حبسه ...تكفيرا عن عجز لا احسن توصيفه …
انا حزين يا ابي ...هذه البلاد طيحت قدرها ...قدام العالم ..