ليس صدفة بالمرة ان مؤرخي العمل النقابي في تونس عامة وتاريخ الاتحاد خاصة كتبه مؤرخون من الحامة (بلد محمد علي) ومؤرخون من قرقنة (بلد حشاد وعاشور واحد هؤلاء صهر مقرب من الحبيب عاشور) واظن ولست ملما بكل ما كتب ان هناك ايضا مؤرخون من بلاد احمد التيلي (قفصة ).
وازعم اني قرات اغلب هذه الاعمال التاريخية وتبين لي من ثناياها حماس غير تاريخي للأشخاص وللمؤسسة .
وازعم ان هذا الحماس غير التاريخي فيه رد وجدال مع مؤرخي الزعيم وحزبه الدستوري ...كأنما يقولون له لست المحرر ولست الزعيم الفرد الاوحد، بل هناك النقابة معادل للحزب او تفوقه وهناك زعماء مؤسسون يفوقونك تأثيرا ...وهم زعماء بالفعل ولهم ادوار اكبر من دورك ..
وهذا ميل غير موضوعي في كتابة التاريخ .
وقد انتج وثنا مقابلا لوثن الزعيم وقد اعتمد لينفخ وبه رثة النقابة صدورهم ويصنعوا وثنا اسمه النقابة المقدسة) لا تعارض ولا يطعن في قرارها تماما كما كان الزعيم يفكر ..(كل هؤلاء المؤرخين هم اصحاب النقابيين ولديهم عندها حظوة خاصة)…
اعمالهم صغرت الزعيم وطعنت في شرعيته التاريخية لكنها خلقت زعماء ووثنت النقابة ...وجعلتها فوق كل نقد موضوعي .
ان الغول النقابي الجاثم على صدورنا يستمد كثيرا من قوته الرمزية من اعمال هؤلاء المؤرخين …ولعلكم تلاحظون انه كلما تجرا شخص على النقابة يرد عليه بالإرث التاريخي /النضالي/ التحرري للنقابة تماما كما كان يفعل الزعيم عندما يعارض فيقفز على تاريخه قبل 1955 فليجم الافواه ان تقلل من شانه ومن شان نضاله …فيغطي على فضاعاته بعد ذلك …
هؤلاء المؤرخون جعلوا من النقابيين نسخا من بورقيبة ومن النقابة نسخة من حزب الدستور …ومارسوا علينا ما كان يمارسه الزعيم وحزبه…
هذه الاعمال التاريخية كتبت بعاطفة جياشة …ولذلك فاني اعيد قراءتها هذا الايام كروايات لا كمراجع تاريخية …ان بها سردا كثيرا لوقائع لكن الاستخلاصات ايديولوجية محضة …بل فيها روح عشائرية ما قبل تاريخية …
وفي كل الاحوال هي منتوج جامعة تخترقها الايديولوجيا حتى النخاع …فلا تنتج معرفة تاريخية بل تنتج خطابات سياسية… لقد كانت معارضة الزعيم بطولة …لكن تخليق وثن من عدم لا يدخل في اعمال التاريخ العلمية ….
سامحونا عاد يا زملاء …انتم كتبتم وانا قرات …ولم اصدقكم … الزمن سيصيب نقابتكم بما اصاب به الزعيم وحزبه …مسالة وقت …