إذا القوم قالوا من فتى؟ قلت مالك. وهل فتى من لا يموت صغيرا؟ ولقد غرقت فسموت شهيدا... وكان موتك الأجمل لقد منحت حياتك لصديق ونحن الباقون بعد نفاد صحبتك سنموت سوائم ولن نلقي أنفسنا في اليم وسنأكل خبزا رخيصا ونقول الذكاء حفظ البقاء وهي فلسفة السوائم.
كان أبوك في حضني يبكي ويأسف أن قد جرك لتراه خلف نافذة السجن وأنت صغير ويقنعك أن تلك طريق. أبوك يبكي لعشر سنين مضين كنت تراه سجينا وقد كبرت ولم تعصه واختلفتما فلم يغلق عليك بوابة الاختلاف. في الطابق الأرضي أسرة نهضوية وفي الطابق العلوي شباب اليسار يخطط للثورة القادمة.
يقول نعيم ودمعه يرفض أن لم يرك منذ سنين وكنتما اختلفتما في التفاصيل حول الجيل الجديد فصمتما دون كل حوار. يبكي نعيم فرصة ضائعة ويبكي أبوك ألم يتمك الذي لم يعالج وتبكي أم أديب إذ رملتها قبل الأوان. تضحك باكية وتبكي ضاحكة أن قد كبرت سريعا ومت ولم تقل إن الولدين قد فقدا الصاحب.
وأبكي أنا الصاحب العابر قربك لقد أجلنا حوارات ممكنة كنت فيها ندا قديرا فقد حددت المسافة لا أستذة في الحوار ولم أقف منك موقف العارف يعلم الطالب المستجد. منذ اللقاء الأول عرفت أنك ند ولم ارتبك ولم استهن وحاورتك راغبا في أن أراني فيك قويا جامحا لا يلين. وكان الزمن يطمئنني أن وقتا كثيرا لا يزال قدامنا لنكمل كل حديث جميل. لقد كنت استئناف طفولتنا السياسية نحن الذين حلمنا بالعدل والاحترام. وكنا نشيخ وكنت في مقدم الأمل.
عرفتك زعيما جميلا تتقن العربية ولك في المنهج باع طويل كأنما شربت المادية الجدلية مع حليب أمك التي لم أقبل يديها معزيا. لن أحاسبك على تلك الارتماءة في القنال لو لم ترم نفسك في اليم لكنت أقل من مالك ولن تكون فتى.
ما كان أجمل وجهك المبتسم ما كان أبهى روحك الطفلة العبقرية. ما كان أجمل فكرك المستنير وأنت تألف المختلفين حول وطن ساذج وجميل. يا حشيشة الموت اللذيذة هنيئا لك الشهادة فقلبي يراك شهيدا.
إني أراك مسجى وربما عثر الطبيب على تراب فوق لسانك وقال غرق وختم المحضر وأذن بالرفاة. هذه تفاصيل عابرة في المجاز الأخير إلى جنة العظماء لا يمكنني أن أراك تموت موتا صغيرا لقد ولدت زعيما ومت شهيدا. وعندما يكتب اسمك في الخلود سيقرأ ابناك رثاء إبي فراس يودع مجده العابر وستقرأ أم أديب لهما قوله وتغير الاسم قليلا
قولي إذا كلمتني فعييت عن رد الجواب زين الشباب أبو (أديب) ولم يمتع بالشباب.