استمعت لمدة خمس دقائق للسيد رؤوف ماهر في قرطاج ...ثم أعرضت ...عرض مزيف يصطنع هوية جنوبية أقرب إلى سلفية هووية أو كربلاء بلطمية الكترونية...الشكل والكلمات والمرجعية ..داخل على (البلدية) بوزرة ودبوس ذكرني بدبوس رعاة الإبل في الظاهر …
أنا جنوبي بعد وإن اختبأت في الشمال بحثا عن الماء أو نفورا من الجفاف...ساهمت بمقدار في اصطناع هوية جنوبية حتى وصلت إلى زيف ما اصنع ...عناصر الهوية المصطنعة هي أننا أهل الجنوب شجعان أبطال مقاومون أو فلاقة إيثاريون غيريون يؤثرون على أنفسهم وبهم خصاصة ...هذه كذبة يتعزى بها جنوبيون كثر كتعويض نفسي لعدم نيلهم جزءا كبيرا من أعطيات الدولة (مناصب فردية أو استثمارات عمومية) في مقابل إقصاء متوهم بسبب جنوبيتهم أوشجاعتهم.
أمعن الجنوبيون (مثقفون وأميون) في بناء هذه الصورة (نحن الذين أخرجنا فرنسا وتجاهلتنا الدولة...في الأخير لم تدفع لنا مقابل نضالنا ...وبطولاتنا ...ومازلنا ننتظر ...ولذلك سنغزوهم بالوزرة والدبوس ..في عقر مسرحهم ... ).
الكذبة الجنوبية تتجاهل أن مناطق كثيرة قاومت ودفعت ثمنا وتتجاهل أن في الجنوب أيضا كان هناك خونة ومتعاملون مع المحتل ثم ظهر زبانية السلطة الجديدة في عهد حزب الدستور وفي عهد التجمع ...والآن في الجنوب زقافنة بعدد لا يحصى وقد صوت جنوبيون لحزب النداء ولحزب الفاشية كما يصوتون للشبيحة وفيهم يسار استئصالي أشد من ماء الفرق على الإسلاميين (إسلاميون كثر من الجنوب يتعمدون الخلط بين هوية إسلامية أممية وجهوية جنوبية تتعفف)..
بما يجعل هذا الجنوب خليط لا تجمعه هوية نضالية (هوية الفلاقة الصحاح وهي اصطناع فكم من فلاق انتهى قواد شعبة)..قبل ذلك لم يكن كل الجنوب يوسفيا كما تصور الخرافة المحدثة. بن يوسف نفسه لم يكن جنوبيا إلا بالولادة فقد كان بلديا ينافس على مكاسب شخصية وقائد جيشه سي الطاهر لسود تمت ترضيه بهنشير في الروحية فتخلى عن الأمة التي لا يذكر أي مصدر انه كان فكر فيها أو كتب رغم انه متعلم …
تسلل جنوبيون كثر بجهد فردي لمواقع في السلطة وغنم مثل السواحلية والبلدية دون أن يظهر عليه شعور بالذنب ولم يكن هؤلاء أفضل من غيرهم ففسادهم زكم الأنوف ...مشهد السيد ماهر صاحب الوزرة والدبوس نجده في كتابات روائية متنوعة ...منها صهيل الرمان لرضوان الكوني ..صورة .الجنوبي المقاوم المقهور صانع الاستقلال الذي بقي محتلا ...الدولة ساهمت في صنع هذه الهوية المزيفة عندما خطب مزالي في أهل قبلي واصفا إياهم بالمرابطين حراس الثغور...بلغة أخرى ابقوا هناك لتردوا عنا رمل الصحراء... ولا تشوهوا بحر المنستير...والحمامات...
الهوية الجنوبية تعويض مصطنع عن فشل الاندماج في الدولة الحديثة (لم يعترضني يوما جربي يشكو من الإقصاء أو يعمل على تحصيل تعويض على نضال) لكنه لا يقدم مطالب اندماج جديدة وإنما يرتكس إلى منوحة ثقافية أصفها بالسلفية الهووية الممعنة في الطلليات ويلبس الوزرة ليدحض الجبة السكروتة ...الجنوبي يبحث عن كربلاء ليديم مأساته الملهمة لمناحته ولطميته الثقافية في مواجهة معاوية الذي حول الرسالة إلى دولة وملك عضوض وورث السلطة لبنيه …
الجنوب بلاد الشعراء والقصاصين وعازفو النايات وأكلة التمر بلبن النوق (عربي جاهلي لا تنقصه إلا كعبة لمعلقته المغدورة ) هذه أكاذيب محضة أنا ساهمت فيها بجهل وحمق ولم يعد يجدي الاعتذار..
الهوية الجنوبية لم تزد عن كونها سبب في رفع الأكرية على كل متكلم بلهجة جنوبية وهو يفاوض على كراء قاراج ليكمل دراسته ...آه أولاد الجنوب باهيين ثم يزيدون في ثمن الكراء تقول فتاة في الجامعة لولد جنوبي ما أحلاهم أولاد الجنوب ثم تحمله إلى مقاهي تكسير الخلائق فتأكل بمنحته الدراسية ويعود مفلسا ...بمحفظة من الشهامة لا تشتري له تبغا …
الدائرة الثقافية المغلقة التي تبتز موازنة الوزارة لا يرد عليها بوزرة ودبوس وعانيت صقع الليل وأنت وينك ...ولا حتى جو خمسة يقصوا في الجرة ...
السيد ماهر قدم لطميته ...على ركح البلدية لكنه لم يؤسس.. لقد كرر المناحة ...بدبوس الرعاة ...في الظاهر ...المعطش …