لا موقف مِمَّن يُصرّ على سياسة التعفين والتعطيل وخنق المؤسسات ويتوّجها بالدعوة إلى استعادة دستور 59 بديلا عن دستور الثورة إلاّ المقاطعة الكاملة.
ولا يكون معه تواصل إلاّ إذا تعهّد والتزم في أدائه بمربّع الصلاحيات التي يضبطها له دستور الثورة. ويكون الموقف نفسه ممّن يشاركه سياسته ويتبنّاها.
وبقطع النظر عن مدى توفّر شروط المقاطعة الشاملة فإنّ المعالجات الجزئية في مواجهة من ينسف قاعدة التعامل وثوابته لا تكون إلاّ انتصارا للشعبوية وشرعنة لعبثها وتشجيعا عليه.
لا شكّ في أنّٰ عدّة جهات متسببة في الأزمة و تتحمّٰل قسما من المسؤولية يضبط نسبتها التشخيص الموضوعي، ولكن سياسة التعفين والتعطيل والخنق وتهديد السلم الأهلي مسؤول عنها رئيس الجمهورية وحده. وكل مسعى إلى مصالحته قبل تعهده والتزامه بالكفّ عن هذه السياسة هو إقرارٌ بأنّٰ الخطأ معادل للخطيئة، ومساهمة في التهيئة لوضع لن يكون فيه التزام بقانون ولا بنتائج انتخابات ولا بسلطة مؤسسات، وفي ذلك بداية انفراط العقد.
يُقاطَع، وستتوسّع المقاطعة، وليس له إلاّ أن يتراجع إلى مربعه الأصلي، وتكون في الأثناء مبادرة سياسية تضمن الأدنى من السلطة التنفيذية وسير المؤسسات.
إن لم يفعلوا فسيكونون كمن يفاوض خانقه وهو يكتم أنفاسه...بدل أن يُبادر إلى فكّ خناقه بقوّة، ومن بعد يعمل الله .