الفِرْيَة التي تنقلت بها مستشارة رئيس الجمهوريّة الحالي بين إذاعتين، رغم تكذيب من نُسبت إليه، في حق الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي، عدوانٌ سافر يُقاضى عليه من ارتكبه ومن شارك فيه.
هو عدوان على رئيس سابق مثّل التونسيين من خلال مؤسسة الرئاسة وقد يمثلهم مستقبلا
وعدوان على مؤسسة يُفترض أنها جامعة لشتات التونسيين في مرحلة انتقال عسيرة وهو عدوان على وظيفة الاستشارة نفسها وفي مؤسسة سيادية.
وهو عدوان على الفريق الذي شُرِّف بالعمل مع الرئيس المرزوقي في المرحلة التأسيسية، وقد كنا، بكل فخر ومسؤولية، من هذا الفريق. ويتوهّم من يظن أنّٰ الرجل قد أُفْرِد فعرضه من عرضنا، وإن كانت سيرته في مقارعة الاستبداد والحكم وتأسيس الديمقراطية كفيلة برد زيف المزيفين ومن تسللوا للحكم بكل ضروب التحيل والذين يخشون المنافسة الشريفة والنزيهة في خدمة تونس. فالناس على وعي، رغم إعلام الطلقاء والمال الفاسد الذي لم يكف عن نهش لحم كل مساهم في تأسيس الحرية والمواطنة الكريمة.
وهو عدوان على كل صاحب رأي حر وسياسي نزيه(أيًّا كان موقعه) وإعلامي شريف، وإن اختلفوا مع المرزوقي في فكره وتجربته في الحكم والمعارضة، فذلك جهد بشري يؤخذ منه ويردّ، ولنقده وتقييمه تقاليد معلومة وأخلاق مرعيّة، ويكون للناس حكمهم له أو عليه في اختيار حر وشفاف ونزيه.
لست بصدد مدح لم أمتهنه، ولا أرضاه له ولا لنفسي، ولكن بصدد موقف يمليه العهد والوفاء بالمسؤولية، فالأحرار قد يختلفون في تقدير المصلحة وفي السياسة والعمل الحزبي تصورا وأسلوبا واستعدادا، ولكن لن يختلفوا مطلقا على القيمة. وهو الأمل الذي يحدونا والحافز الذي يلهمنا في بناء مشترك وطني من أجل إدارة أنجع للحرية، في بلادنا التعبانة.
محمد المنصف المرزوقي وسليم بن حميدان أكثر من تعرض للنهش افتراء وتشويها واتهاما وشيطنة وهتكا للعرض، على مدى سنوات من قبل القديم وأدواته في الإعلام الفاسد، ولم يفلّ ذلك من عزمهما ولم يزعزع من صورتهما.
لم يدفعنا إلى قول ما قلنا جزاء ولا شكور، وإنّٰما واجب تجاه ما جمعنا من أخوة كريمة ورفاقية عزيزة، وما يجمعنا من قيمة، ونحمد الله أننا مازلنا ممن يقلوّن عند الطمع ويكثرون عند الفزع.
وأختم بحكمة للزاهد عمر مارس طيّب الله ثراه:
ما توجْعَكْشِي هامْلة من هَامِلْ **ما تُوجْعَك كَانْ َناڤْصَة مِنْ كَامِل