كان بإمكانه من خلال الصلاحيات في الأمن والدفاع والديبلومياسة والسياسة الخارجيّة التي يضبطها الدستور لرئيس الجمهوريّة أن يشتغل على ثلاثة ملفاّت باعتبارها أولويّة بكفاءات في المجال وهي: ملفّ الاستثمار والملفّ الليبي والملفّ الصحّي (التلاقيح والمساعدة على مجابهة الوباء).
هذه الملفات الثلاثة لو تمّ الاشتغال عليها بتشريك ناجح للمؤسسة العسكرية في الملفين الليبي ( موضوع الأمن والمعابر والتبادل التجاري) والصحّي ( موضوع التلاقيح ودور المستشفى العسكري) وفريق متميّز في الاستثمار يحرّك بعثاتنا الدبلوماسية ضمن خطة محكمة...لو تمّ الاشتغال عليها لأمكن له أن يخدم الناس ويساعد البلد ويصبح رئيس كلّ التونسيين ويتجاوز تجاذبات الطبقة السياسيّة في البرلمان والحكومة ويتركهم تقصيرهم وعجزهم ويصبح جديرا بالزعامة ويشهد عليهم (الله والشعب والتاريخ) الّي نافح بيهم ولم ينجح في إشهادهم إلاّ على نفسه عندما أصبح جزءا من العركة مثله مثل خصومه يمضغ عجزه ويبرّر بطالته بالحديث الفارغ والجمل الركيكة.
يا سيدي، حتّى دون هذه الملفات، لو اكتفى بإطلالة على الناس من حين لآخر يطمئنهم بكلمات هادئة مقابل صخب التجاذبات ولهجة صادقة أمام تقلبات الفاعلين السياسيين وتبلعيطهم، ومثابرة على بناء المشترك وتوسيعه يعيد الثقة في الدولة وفي أصالة تجربتنا وإضافتها المرجوة.
لو اكتفى بهذا لعُدّ من القدّيسين والأولياء الصالحين...ولكن فاقد الشيء لا يعطيه..
وما ذَكَرْناه هو سبيلٌ لكلّ من أراد أن يكون له ذكر في انتقالنا هذا، وبلدنا هذا وزماننا هذا. فالسياسة صراع إرادات وانتصار وانكسار ولكنها في حاجة دائما إلى القيمة جهةً مُحَكَّمة ومرجعيّةً مجسّدةً ومعنىً متحيّزاً في شخص (أو مجموعة) يأكل الطعام ويمشي في الأسواق موصولٌ بهم ومفصولٌ عنهم في آن.