لم تستسلم لهم الأجهزة فمرّوا إلى العنف الميليشياوي العاري..
الانقلاب لا شارع له. ولن يمنع سقوطه التحصّن بأطلال الدولة بعد أن خرّب مؤسساتها وتمادى بلا جدوى في تحريض الأجهزة ضدّ المدافعين عن الدستور والديمقراطية.
أردناها شارعا مقابل شارع، رغم أنّ الانقلاب على الدستور والديمقراطية بنقض العقود والعهود لا يرتقي إلى أن يكون وجهة نظر. ويريدونها، أمام انفضاض الناس من حولهم، ميليشيات عنف في مواجهة شارع ديمقراطي مواطني مصرّ على استعادة الديمقراطية والاختيار الشعبي الحر.
هذا ما أكّدته عشرة أشهر من مقاومة مواطنية قادها مواطنون ضدّ الانقلاب توّجت بجبهة خلاص وطني مصمّمة على غلق هذا القوس البغيض والمسيء لتونس وتاريخها وتثابر على جمع التونسيين لاستئناف المسار الديمقراطي والمساهمة في بناء البديل الوطني.
وإذا ما أمكن للانقلاب أن يحشر اليوم في الشارع مجاميع المناشدين وبقايا البوليس السياسي وميليشيات الحشد النوفمبري (رونفور عبّوري) فبرعاية من اللوبي الجهوي الراعي للانقلاب وبدعم لوجستي من الثورة المضادة ونموذجها السيساوي.
وسيحاول المناشدون والمرتزقة من "الفريب الحزبي" المتجاهَل والمحتقَر من الانقلاب نفسه تبرير انضمامهم إلى دعوات العنف اليوم بتمييزهم بين "حدث 25" والمنقلب. وهم بذلك يرسمون النهاية اللائقة بكل وظيفي رثّ.
هالَهُم ترسّخ الصراع الحقيقي بين الانقلاب والشارع الديمقراطي الظافر. وأنّ إزاحة المنقلب العابث بالدولة ان يكون إلا انتصارا تاريخيا للديمقراطية في تونس الثورة والدولة المدنية والحداثة السياسية.
لذلك اجتهدوا في أن يجاوُروا إلى جانب جبهة الخلاص الوطني سقوفا أخرى تُدفع خارج سقف 25 الانقلابي لتخطف عنوان "معارضة الانقلاب" ولكنها في كلّ الاحوال "معارضة وظيفيّة" كاذبة خاطئة، يفضحها ماضيها ويكشفها أداؤها منذ الانقلاب البائس.
يعملون على ألاّ تكون إزاحة المنقلب نهاية للانقلاب وانتصارا للديمقراطية.
اللوبي الجهوي الراعي، يعلم أنّه في ظلّ الشروط السياسة والاجتماعية لا مستقبل للمنقلب، فلا أقلّ من يجرفوا إلى جانبه ما أمكن جرْفه من شروط الديمقراطية في المشهد الحزبي والسياسي والمنظماتي، وهذا ما يفسّر سعيها إلى ألاّ تتمّ ملاحقة دعاة العنف والمهدّدين بالاحتراب الأهلي من قبل النيابة العمومية والأجهزة.
إلى حدّ الآن تتعامل الأجهزة مع المنقلب على أنه سلطة أمر واقع تُمسك برأس الدولة وليس باعتباره منقلبا على الدستور الذي تحتكم إليه ومنه تستمد دورها وشرعيتها. وهذا ما حدا به للمرور إلى تجسيد خطابه التقسيمي والتكفيري وتنفيذ تهديده ووعيده بأذرع ميليشياوية خارجة عن القانون.
لذلك فإنّ مسوؤلية حماية الأفراد والممتلكات والمؤسسات والسلم الأهلي وإبطال دعوة المنقلب إلى التقاتل تعود إلى الأجهزة. فأمن البلاد وسلامة أهلها مهدّدان..
ستكون الدعوة إلى العنف ومحاولات جرّ البلاد إلى الاحتراب سببا كافيا لغلق هذا القوس البغيض.