وهو اليوم على أشدّه وفي أبلغ صوره مهما صاحبه من مآزق، وأيّا كانت مآلاته.
الأساسي هو أنّ المشهد وقواه السياسيّة والحزبية الفاعلة هي نفسها قبل الثورة وبعدها، إلاّ من إعادة انتشار موهمة بالجديد ولكن السياق يكشفها. ففرز الأيام يزيح الستار بالتدريج عن الصراع الرئيسي رغم محاولات طمسه.
ولا جديد سوى أنّ من كان مُكبَّل اليدين وموضوعا للملاحقة والتهجير والتعذيب والقتل فَكَّت دماءُ الشهداء الزكيّة أغلاله وحرّرت فعله السياسيّ، رغم ارتباكه وسقطاته، للمساهمة الفاعلة في الاختيار الحر وبناء الديمقراطيّة.
ظهور عبير كان ضروريا ليبلُغ الفرز مداه ويلتحق كلّ بموقعه اللائق به، وتتّضح الصورة رغم ما تحمله من مفاجآت لكثير من الطيّبين.
الجديد في حياتنا هو سقف الحريّة المعمّد بدماء الشهداء...والحريّة هي الشرط لبناء الجديد.
رحم الله الشهداء.
الصمت عن عربدة الفاشية داخل البرلمان تواطؤ
أمام صمت رئيس الجمهورية وهو يشاهد محاولة على المباشر لـ"تفجير الدولة من داخلها".
وأمام عجز رئاسة المجلس عن تفعيل القانون الذي يمنع تعطيل أشغال أهم مؤسسة أصلية وسيادية.
وأمام صمت كثير من الأحزاب البرلمانية وفي مقدّمتها التي تعتبر استهداف الديمقراطيّة من الحزب الفاشي وجهة نظر.
أمام كلّ هذا لا يحقّ فحسب بل من واجب النواب المؤمنين بالديمقراطيّة وبتواصل مسارها وبدورهم النيابي إزاحة نواب الحزب الفاشي المحتلّين لمؤسسة مجلس النواب والمعطلين لسير أشغالها المتكرر، ومنعهم من انقلاب واضح على اختيار الشعب ومؤسسته التشريعيّة.
على الرافضين لهذه العملية الانقلابية أن ينهوا هذا التمرّد وهذه العربدة على المباشر لكي يستأنف المجلس أشغاله. وأن يكون هناك دعم قوي من قوى المجتمع المدني والمثقفين والنخبة والقوى الشعبية، لإيقاف هذه المهزلة.
من غير المعقول أن يكون المؤمنون بالديمقراطيّة وبمؤسسات الدولة وبالاختيار الشعبي الحر أقلّ جرأة في الحق من قوى فاشية تنفّذ أجندة إقليمية مكشوفة أداتها بقايا نظام بن علي الفاشي تستهدف المسار الديمقراطي وأمن البلاد ووحدة شعبها.