أن يحاسب وزير النقل في قضيّة الـ Q5 وكلّ من شمله التحقيق، إذا صحّ اختفاء الملف أو تمّ تزوير محضره. فهذا هو المطلوب، وهو من الديمقراطيّة. وأن يُقال رئيس الحكومة بسبب شبهة فساد وتضارب مصالح فهذا أيضا من الديمقراطيّة. وكل هذا من التمارين الضرورية للقضاء ونزوعه الحثيث إلى الاستقلال. فاستقلال القضاء ركيزة الديمقراطيّة الأساسية.
وقد تُفضي هذه التمارين إلى سقوط وزير، أو رئيس حكومة، أو سجن بعض المخالفين من ساسة الصفّ الأوّل، أو خسارة حزب الانتخابات بسببها، فهذا كلّه محمود ومطلوب، وهو من الديمقراطيّة…ونُحيّا عليه من الشعوب الحرّة، وتغبطنا عليه الشعوب المقهورة.
لكن أن يُزجّ بهذه القضية أو تلك في غير إطارها كأن يتكلّم رئيس الجمهوريّة في قضية السيارة في شبه تحقيق مع أحد الوزراء بتعال مسيء، وينزّلها موضوعيّا في سياق سمّاه استهدافا داخليا وخارجيا ومحاولات لضرب الشرعيّة من قبل متآمرين فهذا هو ضرب الشرعية. لأنّ طريقة عرضها والسياق الذي تُجرّ إليه لا علاقة له بأناقة الحكم وتنزيل القانون ولا بوظيفة رئاسة الجمهوريّة ولا بالديمقراطيّة.
هذا لا يذكّر إلاّ بسلوك التفرّد والاستبداد والاستئصال المذمومة وحملاته الكريهة، ولا يحيل إلاّ إلى رغبة في الاستثمار في الغموض وتعفّن الأوضاع لغايات لا علاقة لها بالديمقراطيّة وأجندات تهدم ولا تبني.
لن تتنازل عن حرّيتنا المعمّدة…من أجلها نبذل بقيّة العمر.