صمت الأحزاب الثلاثة قاعدة الائتلاف الحكومي عن وزيرة الثقافة في وقاحتها وتطاولها وفي اعتذارها المدخول لا يبرّره إلاّ أحد أمور ثلاثة:
ـ رضاها عن الوزيرة في كلّ أحوالها...فما الذي يمنع مساندتها لها علنا ودفاعها عنها؟
ـ تحجّجها بأولويّة المعركة على الوبا والخوف من بروز خلافات لا يتحملها السياق...وهذه حجّة ضعيفة فالمسألة المثارة اليوم لا تتعلّق بالثقافة وليست اختلافا حول وجهات نظر في الثقافة وتعبيراتها وجماليّاتها ووظيفتها...وقد حاولت وزيرة الثقافة يوم أمس في موزاييك الإيهام بأنّ رفض الترخيص يوجهه موقف من الثقافة عامّة ومن إبداعات لا تستسيغها أذواق محنّطة خاصّة…
رفض الترخيص مسألة سياسيّة تتّصل بخطّة الدولة والحكومة والوزارة في الحجر الصحّي، وموقف من قراد ثقافي معشّش ولوبيات لا تقبل بالتنازل على امتيازات ماليّة ضخمة (شركات إنتاج معروفة بالاسم) لا تهمّمها للوصول إليها سلامة الناس من العدوى ولا خطّة الوزارة في مواجهة الوباء ولا ما سيقط من أرواح نتيجة كسر الحجر الصحّي. لوبيات متنفّذة فرضت أن تكون استثناءً.
ـ ضعفها أمام الجهة التي جاءت بالوزيرة، وهذا بدوره سيثير غبارا حول جديّة الخطّة الوطنيّة في مواجهة كورونا، ويشكّك في استقلاليّة قرار الجهاز التنفيذي ولا يبالي بإفساد ما تحقّق من نجاحات مشجّعة في محاصرة الوباء والإصرار على كسره.
وهذه الاحتمالات الثلاثة تشمل رئيس الحكومة، بل تعنيه أكثر من غيره، وهو طالبُ التفويض لغرض وحيد هو النجاعة في الحرب على الوباء.
في الائتلاف الحكومي سمّاعون للّوبيات وللقراد الثقافي والسياسي المتفرنس...لا أجد تفسيرا آخر...والمؤلم أنّه بإمكاننا النجاح في معركتنا ضدّ الموت الزاحف، وأنّ شروط نجاحنا في مواجهة الأزمة الماليّة الاقتصاديّة قائمة في معركتنا ضدّ الوباء. وهنا أهميّة الإرادة السياسيّة والتقدير الدقيق والموقف المتّزن ودورها في تحويل محنة الكورونا إلى فرصة ونتائجها إلى أرضيّة جديدة لإصلاحات مهمّة مؤجّلة.
المعركة على الوباء صارت قاعدة فرز حقيقيّة، فالجميع يعلم أنّ النجاح في كسر الوباء مقدّمة لمعادلة سياسيّة جديدة بشروط سياسيّة مختلفة…
لنجعل من حرب إنقاذ الأرواح والحرب على الوباء "طقس عبور"...عبور اتاحته الثورة ولم ننجح في تحقيقه إلى حدّ الأن…