هي ملاحظات حول خطاب بوتين أوّل أمس في مراسم التوقيع على ضمّ أقاليم دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا إلى الاتحاد الروسي، وخرجنا منها إلى الخوض في المشهد العالمي ومستقبل الصراع فيه…وهي مقترحات للنقاش.
1
هو خطاب قومي يستلهم ما أسماه بوتين "روح الشعب الروسي" باعتباره وحدة سياسية وثقافيّة، وقد شدّد في كلمته على أنّ "روسيا التاريخية العظيمة" حقيقة يُنطلق منها وهدف يراد بلوغه، وفي هذا السياق يأتي ضمّ/انضمام المقاطعات الأربع.
وهو خطاب شعبوي حين يجعل "النحن" الخيّرة في مواجهة "الهُم" الشريرة. وتتمثّل هذه "الهم" ثقافيّا في الغرب وسياسيا واستراتيجيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
وهو خطاب ثقافوي يرى في الغرب المقابل الثقافي لروسيا ولسائر دول العالم وشعوبه. وبدا الغرب عند بوتين وحدة متجانسة أساسها الثقافي "معاداة القيم المسيحية والأسرة".
وشدّد على أنّ روسيا لن تقبل بوجود "نوع ثالث" يخالف الطبيعة الإنسانية، في إشارة إلى المثلية والخطاب الجندري. ولكنه سكت عن النظام الرأسمالي وغلبته على أشكال التبادل الاقتصادي في العالم وعن الحداثة الغربية ومنجزها الإنساني.
وسياسيا اعتبر بوتين أنّ الغرب في جزئه الأوروبي واقع تحت الهيمنة الأمريكية، وأنّ بعض الدول الأوروبية واقعة تحت الاحتلال الأمريكي (ذكر ألمانيا). وقدّر أن هيمنة الولايات المتّحدة كان منطلقها الحرب العالمية الأولى واستقرت معطى استراتيجيا (نظاما دوليّا) مع الحرب العالمية الثانية.
هو خطاب حرب يكاد يعلن "الجهاد" على الهيمنة الغربية مذكّرا في ذلك بحركات الاحتجاج الإسلامي في البلاد العربية وبحركات الاحتجاج الاجتماعي في أمريكا اللاتينية، ومحاولات خطّ مسار ثالث في سياق الحرب الباردة بين ما كان يُعرَف المعسكر الغربي (الليبرالية: رأسمالية المجتمع) والمعسكر الشرقي (الاشتراكية: رأسمالية الدولة).
2
توسّع بوتن في خطابه في موضوع الولايات المتحدة وعدوانها على العالم والحروب التي شنّتها على الشعوب باسم الديمقراطية الغربية. وهي الدولة الوحيدة التي استعملت السلاح النووي في نزاع النفوذ الذي تقوده.
وأنّ هذه القوة اليوم تقف في مواجهة روسيا والصين وأفريقيا وسائر دول العالم. لذلك يدعو الشعوب إلى موقف صارم دفاعا عن هوياتها الثقافية المختلفة وعن حظوظها في العدل، والرفاه، والاستقلال، والسيادة.
هو خطاب "عالم ثالثي" يجد له ما يكفي من المبررات في مطلع الألفية الثالثة.
وهو خطاب هووي بامتياز، بدا لنا حديث صاحبه عن الثقافة منفصلا عن حديثه عن الثروة والطاقة، والغذاء، والسيادة، والاقتصاد. فبوتين لم يقترح "منوالا بديلا" عن النظام الرأسمالي العالمي المهيمن وما تعرفه الرأسمالية من أزمات لم تُضعف فلسفتها في إدارة الثروة ولا بدائلها في الاستثمار فيها.
لم يعرض بوتين للرأسمالية في خطابه. ومثّل منحاه هذا سببا كافيا عند بعض أهل الاختصاص ليصنّفوه ضمن "الاتجاه القومي الشعبوي الشوفيني اليميني" الذي ينقد بجذريّة الديمقراطية التمثيلية دون أساسها الرأسمالي ودون أن يعرض بديلا واضحا للانتظام السياسي والبناء المؤسسي، ويكتفي بتمجيد الدولة وكأنّها إطار سياسي ما قبلي يُملأ ببدائل شتّى لإدارة الشأن العام وتنظيم علاقات التبادل في المجتمع .
3
استعاد بوتين تجربة الاتحاد السوفياتي في خطابه، وسعى فيه إلى المواءمة بين "التجربة السوفياتية" باعتبارها تعبيرا من تعبيرات "حركة التحرر في العالم" من ناحية ومسؤولية الحزب الشيوعي السوفياتي المباشرة عن انهيار التجربة في مطلع التسعينات وتمزيق الكيان الروسي، من ناحية أخرى. وفي ذلك ربط لـ"مشروعه السياسي" مع التجربة السوفياتية في قراءة لا تغفل عن قفز هذه التجربة على "الحقيقة القومية العنيدة"، وتأكيد على هوية روسيا المتعددة، ومع ذلك يشير إلى المكونات "المسيحية والإسلامية والبوذية…" في الثقافة الروسية. ويعدّ استمرارها انفتاحا إنسانيا وإثراء للبعد القومي. فيستشهد بالسيد المسيح وجوهر دعوته الإنساني. فكأنّ بوتين ينازع الغرب في مسيحيّته، ويقدّم قراءة مغايرة، وإن اتسمت بالتعميم، تستدعي المكوّن المسيحي في الثقافة الغربية وتجتهد في بلورة صياغة توفّق بين القومي الثقافي والأممي الإنساني.
ويأخذنا خطاب بوتين الشعبوي للوقوف على طبيعة الدولة الحديثة باعتبارها محطّة استقرت عندها الإنسانية ولم تتجرّأ على ابتداع انتظام سياسي مجاوز لها. ذلك أنّ منتهى نقد الدولة لم يجاوز الانتباه إلى انفصال/استقلال الدولة عن صفتها. إذ اختلاف الصفة ( رأسمالية، اشتراكية، قومية..) لا يغيّر من طبيعة الموصوف (الدولة). وكان هذا جوهر النقد الفوضوي للدولة في الأممية الأولى. وهو رأي باكونين الذي اعتبر الحديث عن الدولة البروليتارية باعتبارها أفقا لحركة التاريخ بلا قيمة تقدّميّة. إذ لا فرق عنده بين الدولة البورجوازية والدولة البروليتارية، لأن الصفة (بورجوازية، بروليتارية) لا تغيّر من طبيعة العلاقات العمودية التي تربط الدولة بمحيطها ولا من حقيقة الاغتراب السياسي الواقع.
وجرّ هذا النقد إلى تعديل في المنهج المادي التاريخي بإشارة صاحبه إلى مرحلة متقدّمة على الدولة البروليتارية تتسم بملكية جماعية لوسائل الإنتاج (مشاعية ثانية، شيوعية)، دون إجابة "علمية" عن الأسباب التي كانت وراء الانتقال من "المشاعية الأولى" إلى العبودية (تناقض صيادي البر وصيادي البحر تفسير ساذج)، ولا إجابة عن الأسباب التي ستمكّن من الانتقال من الدولة البروليتارية إلى "المشاعية الأخيرة" (الشيوعية) التي سيحطّ عندها التاريخ ( نهاية التاريخ عند الدولة فكرة هيغلية تسرّبت إلى جلّ مناويل الفكر الغربي)، وهي ليست فكرة نهاية العالم/الكون.
4
يظهر بوتين من خطابه زعيما قوميا بأفق أممي (يطمح إلى قيادة العالم في مواجهة الولايات المتحدة) . ويأتي خطابه في سياق مرحلة انتقالية فعلية يعرفها العالم من نظام دولي سليل الحربين العالميتين ونتائجهما السياسية والاستراتيجية، ونظام جديد يبدو من ملامحه الأولى صراعا بين ديمقراطية تمثيلية مأزومة ولكنها قادرة على الاستمرار بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وديمقراطية شعبوية بنزعة قومية شوفينية يمينية. فكأن العالم بأسره يمين بلا يسار.
ظهرت ملامح هذا الصراع على أنقاض ما عرفه المجال العربي من ثورة هزّت العالم وهدّدت معادلته التقليدية. وقد التقت جهتا هذا الصراع الجديد على وأد تجربة المجال العربي التي لم تخرج عن أفق "بناء الديمقراطية". غير أنّه إذا كانت الديمقراطية اليونانية مشروطة بالعبودية والديمقراطية الغربية الحالية مشروطة بالاستعمار (استعمرنا الغرب البورجوازي الديمقراطي) فإنّ ثورة المجال العربي كانت وماتزال رهانا لبناء ديمقراطية مشروطة بالحرية، لأول مرة في تاريخ الانتظام السياسي الإنساني الذي يواجهه السؤال نفسه منذ فجر التاريخ السياسي: كيف يمكن للإنسان أن يعيش حرّا وفي جماعة في الآن نفسه؟
5
مثّلت سوريا نقطة لقاء ميداني بين القوّتين اللتين تستعدان اليوم لصراع جديد على إعادة ترتيب العالم. وكانت سوريا "المطب القاتل" الذي لم تكن قوى الثورة الديمقراطية العربية في 2011 تدرك خطورته. ولقد تبيّن مما عرفته بلاد الشام من أهوال أنّ سوريا "عقدة العالم" والنقطة التي استُدرجت إليها الثورة، وعندها التقت الثورة المضادّة رغم تناقضات مكوّناتها على مواجهة ثورة الألفية الثالثة التي تطرق أبواب العالم بجديّة.
في سوريا التقت الولايات المتحدة وروسيا وإيران والكيان ولواحقه العربية، وأجمعت على "بقاء نظام الأسد" رغم اختلاف غاياتها، وكان تطييف الثورة السورية وتسليحها وتدويلها بالإرهاب المصنوع قاسمها المشترك.
وتبدو لنا هذه القوى نفسها متقاطعة موضوعيا في مهمة الانقلاب على الديمقراطية في تونس، ضمن موقفها العام المناهض لثورة المحال العربي رغم ما تظهره من اختلافها السياسي على مستقبل تونس في علاقة بالتجربة الديمقراطية.
لقاؤها بالأمس واختلافها اليوم واستعدادها للصراع القادم مثّل شبه قانون حكَم العلاقة بين قوى الثورة المضادة بما فيها القوى المحلية التي التقت على وأد الثورة في تونس. فالشعبوية والفاشية ولواحقهما الوظيفية التقت على الانقلاب على الديمقراطية، ولكنها اختلفت بعد تحقيق هدفها و"تتواجه" اليوم في مشهد انقلابي عبثي يعصف بالبلاد ولا بديل له سوى وضع أهلها في مواجهة "الجوع والخوف".
6
حين تستمع إلى خطاب بوتين فإنّك تكون أمام "شعبوية عالمة" لها مرتكزاتها في الفكر، والسياسة، والاقتصاد، والتاريخ. وقد تحفّزك على مناظرتها، فهي في كلّ الأحوال وجهة نظر جديرة بالمواجهة.
أما في تونس فقد ابتلينا بـ"شعبوية عاميّة" بخطاب رثّ أقرب إلى التفاهة. خطاب ضحل يرتد حتّى على معارضيه فقد ينزلقون إلى مواجهة الضحالة الشعبوية بشعبوية مضادّة.
الشعبوية المنقلبة وحليفها من المنظومة القديمة ينسفان كلّ ما كان يعدّ موضوعيا من المشترك: الفصل بين السلطات، مكتسبات الحداثة السياسية، شروط الاختيار الحر…
ويمكن تكثيف منجز الانقلاب الشعبوي بعد سنة ونصف تقريبا في هدم قاعدة ضمنية تمثّل مرجعا في صياغة القوانين وتتمثّل في "أنّ العاقل منزّه عن العبث". فدخلنا منذ 25 جويلية 2021 إلى "منطقة العبث المطلق". فكل ما أتاه الانقلاب من هدم للمؤسسات ولنصّها المرجعي وتجويع البلاد لا يخرج عن حدود هذه المنطقة، وهناك سعيٌ حثيث من قبل الإعلام الموجّه للتطبيع مع هذه الحالة السريالية، حتى وهو يفتعل مناهضة جانب من أسبابها. ومع هذه الحالة العبثية تنهار التصنيفات التقليدية للقوى الفاعلة، فلا يمكن الحديث عن معارض وموال ولا عن يمين ويسار ووسط. فنحن أمام تشظّ هو صورة من حالة العبث العام.
ولقد كنا أشرنا في أكثر من مناسبة، قبل الانقلاب، بأنّنا إزاء مشهد سياسي اجتماعي هو "وسط بلا يسار".
وندّعي أنّه لا يوجد في المشهد العالمي اليوم إلاّ اليمين تمثّله الجهتان المتصارعتان (الديمقراطية التمثيلية والشعبوية الشوفينية) وكأنّ الغرب لا يمكنه أن ينتج إلاّ اليمين. بل إنّ ما كان من يمين ويسار في تجربته التاريخية (في أوروبا تحديدا) كانت مرجعيّته الدولة، فهو أقرب إلى أن يكون يسار الدولة ويمينها لا يسار التاريخ ويمينه. فالاختلاف بين رأسمالية الدولة (الاشتراكية) ورأسمالية المجتمع (الليبرالية الاقتصادية) اختلاف في الدرجة، بل إن المدرستين وجهان لحقيقة واحدة. إذ تَصْدُران عن مفهوم واحد للملكية وإن اختلفتا في مجالها (في الدولة أم في المجتمع؟)، وهذا عائد إلى مرجعهما الواحد المتمثل في الثقافة اليهو-مسيحية. وما الهيغلية والماركسية والفيبرية والفوكوية إلاّ محاولات لتحويلها إلى مفاهيم من خلال "رؤية للعالم" واحدة.
7
هل كان المجال العربي يمثّل نواة "اليسار العالمي" المُجهض؟
ليس يسيرا الإجابة عن هذا السؤال، وسنكتفي ببعض الإضاءات التي قد تشكل مقدمات للإجابة.
البلاد العربيّة في تقديرنا تنتمي إلى الغرب، وهذا أمر يظهره "نظام الفكر" والعقل. فالشرق من هذا المنظور هو الصين والهند واليابان، وهو "الروح الهائم" من منظور صاحب الفلسفة الكلية الذي هدته الدولة وتاريخها إلى رسم الحدود بين الشرق والغرب. ففي الشرق أين لم يتبلور "وعي الروح بذاتها" يبقى الحاكم "أبا الجميع" وهو الشخصيّة الوحيدة الحرّة. وفي هذا السياق تُفهم التجربة الماوية على أنها كونفوشيوسية أخرى لم تغادر "هيمان الروح".
يشير طه حسين في كتابه مستقبل الثقافة في مصر إلى "يونانية العقل المصري ومصرية العقل اليوناني". واقترب لوي ماسينيون من هذا المعنى في تحقيقه ديوان الحلاّج رغم رغبته الجامحة في إثبات جدارة يسوع وإنكار نبوءة محمد وهو يشير إلى أنّ الحلاّج كان يجب أن يظهر حتى تكون صورته مضافة إلى صورة محمد "عبقري العرب" إعادة إنتاج لصورة تقترب من صورة يسوع دون أن تبلغها.
ولتقريب الصورة من زاوية العقل المكسوب ونظامه نقول: إن الشيوعي الفرنسي أقرب إلى المسلم العربي من المسلم الهندي أو الصيني.
وفي تفسيره السياسي للقرآن يشير البروفيسور أبو يعرب المرزوقي إلى أنّ الشرق مشرقان والغرب مغربان (ربّ المشرقين وربّ المغربين). والمجال العربي هو أحد المغربين أو أحد الغربين: الغرب الأوّل الذي نشهد نهاية تجربته وبلوغها غاياتها، والغرب الثاني الذي يمثّل المجال العربي بداية انطلاقه مع ثورة الألفية الثالثة بمشروع تأسيس الديمقراطية مشروطة بالحرية. فالغرب الأول فكّ الارتباط بين الديمقراطية والحرية حين بنى الديمقراطية للإنسان الغربي ليغزو بها الإنسان خارج مجاله، والغرب الثاني يجتهد في ربط الديمقراطية بالحرية، أي بالإنسان على اختلاف لونه وعرقه ولسانه ودينه، إنها "الديمقراطية للناس كافّة". ومرجعها الحرية للإنسانية كافة، على معنى أنّ العبودية بمختلف أشكالها "ثقافة" وليست "طبيعة" (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟!!!) كما كانت تعتقد الفلسفة اليونانية ومنها تسربت الفكرة إلى الغرب الحديث فجعل الديمقراطية مشروطة إثنيا وثقافيا واجتماعيا ("نمط الإنتاج الآسيوي" ومحصولها السياسي فكرة "الاستبداد الشرقي").
لذلك لن يكون مشروع الديمقراطية المشروطة بالحرية "مركزية مضادة" بقدرما هو اجتماع إنساني مفتوح يقوم على "إدارة التعارف" بديلا عن "إدارة التوحّش" الراهنة.
لا يسمح المجال بالتفصيل ونكتفي بالإشارة إلى أنّ اليسار العالمي الجديد سيمتد إلى منزلة الإنسان وإلى مفهوم الملكية ووظيفتها (الملكية وظيفة اجتماعية). وإلى رأس المال ودوره في تأسيس رفاه الإنسان وكرامته (الصراع القادم سيكون بين الرأسمال الربوي والرأسمال اللاربوي، على معنى أن الربا علاقة استغلال قصوى تفصل بين الأجر والعمل، وهو صراع بين الصهيونية ونقيضها).
كانت سوريا مطب الثورة الديمقراطية في المجال العربي (الغرب الجديد) والحرب الأوكرانية مطب يقع على حدود الشرق والغرب، وتشهد صراعا بين الشرق والغرب القديم. ولكنه صراع سيكون مشروطا بمستقبل الديمقراطية في المجال العربي. فإذا كان القضاء مبرما على هذا المشروع الديمقراطي فإنّ صراع الألفية سيعيد ترتيب علاقة القوة بين الغرب القديم والشرق، بعد حرب عالمية. ليستمر العالم يمينا شبه خالص، إلى حين. وإذا أمكن للمشروع الديمقراطي أن يستعيد شروطه فإنّ المشهد العالمي كله سيعيد ترتيب أولوياته على ضوء هذا المعطى.
ومثلما قد تحدّد نتائج الحرب في أوكرانيا وجهة العالم الجديدة، فإنّ مستقبل الديمقراطية في تونس سيكون له الأثر نفسه وإن في الوجهة المغايرة.
قد لا يشهد "واقع الجوع والخوف والتفسّخ" الذي نعيش لما نقول ولا يسعِف القارئ بغير ابتسامة هي أقرب إلى السخرية المرّة، ولكن تجارب التاريخ تكاد تجمع على أنّه كان يقرّر دائما الانطلاق من أضعف حلقاته وأشد لحظاته بؤسا…
اضطررنا إلى التكثيف حين خضنا في أكثر من موضوع، وكل موضوع هو ملف قائم بذاته ويحتاج إلى تفصيل، ولكننا نراهن على العقول التي تحتفي بتقريب المتباعدات وتدرك ما يربط بينها ولا تكترث إلى التذكير بقرب المتقاربات…