يثار هذه الأيام جدل حول الموعد الانتخابي في 24. وهو موعد بقدر ما يمثل مترسّبا عن مرحلة الانتقال الديمقراطي المغدورة يحيل إلى مرجعية دستور 2014, دستور الجمهورية.
ومثلما يرى فيه معارضو الانقلاب محطّة "معقولة" لوضع حدّ لحالة العبث والفوضى والأداء الصفري وغلق القوس المهين يرى فيها الانقلاب فرصة لعهدة جديدة قد تسعفه بالتدارك ويتقدّم فيها (أمام الشركاء الدوليين) على أنّه البديل الوحيد، بعد أن كان منجزه الوحيد،على مدى سنتين وبسلطات مطلقة، موجها إلى منع ظهور بديل للقوى المدافعة عن الديمقراطية.
ورغم أنّ الموعد لم يتأكّد، فقد اختلفت المواقف بشأنه بين رافض للمشاركة لعدة دواع أهمها استحالة أن تتوفّر شروط انتخابات شفافة حرّة ونزيهة في ظل منظومة انقلاب داست على كل شيء، وبين من يطالب بتوفير ضمانات للمشاركة تمثل شروط انتخابات ديمقراطية. وهي ضمانات من بينها حضور مراقبين دوليين من منظمات أممية وحقوقية.
وإلى جانب الموقف الأول الرافض يوجد موقف أكثر جذرية يرى أن الانقلاب لا يمكن أن يكون منافسا، حتّى مع توفر شروط المنافسة النزيهة، وإنما هو موضوع للمحاسبة والمحاكمة العادلة بسبب ما اقترفه في حق البلاد والعباد.
وفيما يخصّ الحركة الديمقراطية فإنّ موضوع الانتخابات سواء كانت سابقة لأوانها أو في موعد 24 لا ينفصل ، في تقديرنا، عن الهدف الذي رسمته: استعادة الديمقراطية.
وهذا الهدف المركزي هو الذي يكيف كلّ مواقفها وخطابها وبرنامجها المرحلي.
وفي ظل الشروط المحلية والإقليمية والدولية الحالية وعلاقتها الهشة بالديمقراطية وثقافتها وقيمها، لن تكون المطالبة بانتخابات سابقة لأوانها، أو بتوفير شروط انتخابات ديمقراطية في موعدها المعلوم في 24 ضمن خطاب الحركة الديمقراطية ولا من بين جملها السياسية.
فلا معنى للمطالبة بتوفير الشروط المذكورة سواء اتجهت هذه المطالبة إلى "سلطة الانقلاب" أو إلى شركاء تونس الإقليميين والدوليين.
مهمة الحركة الديمقراطية بقيادة جبهة الخلاص وكلّ القوى السياسية والمدنية التي تشاركها الهدف هي العمل (وليس المطالبة) على توفير شروط انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية سواء كانت سابقة لأوانها أو في موعدها المذكور. وهذا معنى من معاني المقاومة والكفاح الديمقراطي. ويكون توفير/فرض هذه الشروط خطوة متقدمة على طريق استعادة الديمقراطية،
وعليه فإنّ كل ما تعلّق بسبل الخروج من الأزمة من انتخابات وحوار الوطني ومهمة إنقاذ البلاد موصول في خطاب الحركة الديمقراطية بـ"استعادة الديمقراطية". فنعرض لجمل وعناوين من قبيل "حوار وطني على قاعدة استعادة الديمقراطية" و"مؤتمر إنقاذ وطني على قاعدة استعادة الديمقراطية" و "انتخابات نزيهة وشفافة على قاعدة استعادة الديمقراطية".(مثلما تكون استعادة الديمقراطية الإطار السياسي لانتخابات نزيهة وشفافة)
هذه من جمل الحركة الديمقراطية السياسية المنتظرة، وهي ليست مطالب وإنما عناوين من برنامجها المرحلي على طريق استعادة الديمقراطية.
ويمثل صمود الحركة الديمقراطية الميداني في مواجهة الانقلاب وحضورها السياسي المحترم ونضالها الحقوقي الدؤوب (إطلاق سراح قياداتها وكل صاحب رأي حر من السجن) أفقًا سياسيا مهما للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد.
تقديرنا أن الحركة الديمقراطية تركت الأسوأ وراءها رغم مظاهر الوهن العديدة، في حين تجعل منظومة الانقلاب الأسوأ أمامها، فهي تتحمّل كل المسؤولية بسبب ما جمعها كل السلطة، فتحمل وحدها بين كفيها جمر الكارثة الاجتماعية.
في أكثر من مرّة يقوم سؤال من أصدقاء الحركة الديمقراطية ومن خصومها حول حقيقتها. فنعرّفها بأنها "القوى السياسية والحزبية والمدنية التي تواجه الانقلاب بهدف استعادة الديمقراطية" تمييزا لها عمّن اختلف مع الانقلاب لأسباب أخرى ليس من بينها الدفاع عن الدستور والديمقراطية.
لذلك نميز بين المعارضة والحركة الديمقراطية، وإذا ما خصصنا المعارضة بصفة الديمقراطية (المعارضة الديمقراطية ) فإننا نعني بلا ريب الحركة الديمقراطية.