كنت نتفرّج في الوطنيّة 1 وكان مع شاكر بالشيخ عبد الرحمان الهذيلي رئيس المنتدى الاجتماعي وشيماء بوهلال والناطق الرسمي باسم وزارة الداخليّة. وكان الحديث عن الاحتجاجات الليلية.
فاجأني الناطق باسم وزارة الداخليّة بما قدّمه من معطيات دقيقة وبمقاربته القانونيّة المواطنيّة ومرجعيّتها الجمهوريّة. فتحيّة قويّة إليه.
ويبدو أنّه لم يفاجئني أنا فقط، فقد تفاجأ الضيفان ولم يجدا ما يردّان به سوى الحديث المكرور والمفترش عن قصور المقاربة الأمنيّة. وسقطا في تبرير التخريب والعنف والاعتداء على الممتلكات العامّة والخاصّة بحجج سخيفة وغير مؤسسة ...شيماء تحدّثت عن وجود قمع يمنع حريّة التعبير!!!! وأنّ ما يحدث تعبير عن فكرة الثورة المضيّعة منذ عشر سنوات!!!
ولم يتساءل الضيفان عن سبب التظاهر الليلي، وأسهبا في الحديث عن التهميش وآثاره وأنّ الجوع من بين ما يحرّك الشباب. وموضوع التهميش بمعناه المركّب حقيقة ولكنّ الضيفين فشلا حتّى في في بسطه وربطه بقضيّة الحال.
ومن سخيف ما اشتمل عليه حديثهما محاولة إيجاد شرخ بين الوزارة والحكومة من خلال تحذيرهما الناطق الرسمي من تقصير الحكومة، ومن تحمّل الأمنيين تبعات الأمر بمفردهم. وتقصير الحكومة وضعفها الاتصالي حقيقة. ولكنّ المطلوب ليس التثبيط والدعوة الضمنيّة للتخلّي عن الدور الأصلي وإنّما شدّ أزر المؤسسة التي تحمي الأرواح والأرزاق وتمنع الناس من الاحتراب العنيف (الاحتراب اللطيف قائم بينهم).
قليلة هي المرّات التي أتعاطف فيها مع الأمن (وهذا عيب يلزمني نتخلّص منه ههه وأعرف تحسّنا فعليّا في هذا الاتجاه)...لأسباب قريبة يعرفها حبيب وأخرى بعيدة أهمها فكرة الدولة في حدّ ذاتها هههه (هذه يعرفها أكثر)…
تعافي المؤسسة الأمنيّة باتجاه أفق مواطني جمهوري حقيقة جميلة في مشهدنا المبعثر...نرجو لها الاطراد وأن تجد الدعم الكامل.