تأخذ من العناوين ما تشاء…
1
رئيس لاهمّ له إلاّ التغطية على فشله
والإصرار على سياسة التعفين وهدم ما بُني من مؤسسات الدولة. هذا ملخّص مركّز لسيرة رئيس الجمهورية منذ تولّيه الرئاسة. وهو لم يغادر "الدرجة الصفر للمسؤولية والفعل" في السنة الأولى من تولّيه وخاصّة في المهام الديبلوماسية والسياسة الخارجية والأمن القومي وهو يرأس مجلسه.
وينزل في السنة الثانية إلى ما تحت درجة الصفر بسياسة التعطيل والتعفين وخنق المؤسسات. وهو ما يحمّله المسؤولية الأولى في شلّ مؤسسات الدولة (حكومة بنصف وزراء، وتعطيل لأعمال البرلمان ولجانه، ورفض الختم) وانكسارها في الحرب على الوباء…
2
هذه السياسة يلخصها فيديو نشرته صفحة الرئاسة هذا الصباح يلخّص زيارة رئيس الجمهورية إلى ڤفصة.
وفي الفيديو تركيز على حاجتين:
- قوله : « نصِلُ الليل بالنهار » ، وقد كان قبلها بيوم عقد اجتماعا طارئا في عڤابات الليل لإيهام الرأي العام بالانشغال بمحاربة الوباء، ولم يتمخّض الاجتماع عن قرارات في الموضوع، سوى عن إنشاء فارغ يكشف عن رغبات شخصية منخفضة.
- بث مقاطع من شعارات ترفعها الجموع الحاضرة : « حلّ البرلمان ».
ليفتتح بهذا ذكرى عيد الجمهورية،
فالرجل لا همّ له إلاّ التغطية على فشله وإهماله وعجزه عن المسؤولية، وهو لم يغادر أحقاده وإصراره على استهداف مؤسسات الدولة وفي مقدمتها المؤسسة الأصلية في تكامل أدوار واضح مع الفاشية والوظيفية الرثّة.
ومع ذلك لا يتوقّف عن الإيهام بتصدّر الحرب على الكورونا والركوب على جهد الآخرين وتأميمه بتقسيم أخرق للقدرات الطبية إلى مدنيّة وعسكرية وإعادة ترتيب غير وظيفي ليس بينهما سوى رغبات شخصية بلا معنى سياسي.
3
لا يمكن فصل زيارة رئيس الجمهورية عما تستعدّ له شراذم مأجورة يوم 25 من تحرك تحت شعار إسقاط المنظومة، وهو في حقيقته يستهدف الثورة والدستور والديمقراطية، تنفيذا لأجندة إماراتية فرنسية معلومة تستهدف الديمقراطية ومسارها ولا تقبل بسقوط منظومة الاستبداد واتجاه مكوناتها إلى الاضمحلال، رغم محاولات النفخ فيها.
رئيس الجمهورية لم يحدّد موقفا من الواجهات السياسية والإمضاءات التي تتبنى في بياناتها شتات أفكاره الضحلة، وتحيل عليه، وتتخذ منه مرجعية سياسية، ولا تخفي استهدافها للسلم الأهلي يوم 25 في ظل الوباء الزاحف.
تحرّك 25 لا أفق له لتفاهة منظميه وعزلتهم، رغم تواطؤ البعض والانتظار الجبان من البعض الآخر.
فيديو رئاسة الجمهورية أخفى صيحات "ديڤاج" في الرديف والمتلوّي.
والسياسة الاتصالية السليمة تقضي بألاّ تظهر لا هذه الصيحات الداعية إلى المغادرة ولا الشعارات الداعية إلى حلّ البرلمان، لأنّ المستهدف مؤسستان منتخبتان من مؤسسات الجمهورية لا يُبتّ في مصيرهما إلا بالاختيار الشعبي الحر. فضلا عن الوضع السياسي والصحي الذي تمرّ به البلاد. ولكنّ لإرضاء النزوات سلطانٌ يغلب حين تغيب ثقافة الدولة وعقلها.
4
السياسة الفرنسية واضحة هذه الأيّام، وتعتمد توجّهين وأداتين :
- توجها سياسيا يصرّ على هدم التجربة، وتمثّل الشعبوية الضحلة والفاشية المأجورة والوظيفية الرثّة "عصا فرنسا" وأداتها في تهشيم التجربة (سياسة التعفين : استهداف الدستور، تعطيل المجلس، مقاطعة جلساته، خنق بقية المؤسسات). وهذه الجهات الثلاث عند فرنسا أدوات هدم لا يمكن أن تكون ضمن دور سياسي أو واجهة سياسية تمثّلها.
- توجّها سياسيا يمكن تلخيصه في ضرورة إيجاد واجهة سياسية للمنظومة القديمة ومراكز قواها المتبقية من لوبيات مال وأعمال ومال، إذا لم يتسنّ هدم التجربة. وهذه الواجهة السياسية هي بمثابة نداء تونس 2، أو "حزب فرانسا". وتكمن الصعوبة في بناء هذه الواجهة السياسية للمصالح الاستعمارية والسيستام المنهك في توزّع موادّ نداء تونس 2 بين "طلبة التجمّع" وتحيا تونس وقلب تونس وحزب آفاق…وبقية الشراذم. وقد يُيسّر لوجسيال الغنيمة عند "المناضلين " تجميع هذا الخليط لبناء واجهة السيستام السياسية عديلا للنهضة وشريكا لها بشروط يعكسها ميزان القوى الفعلي والسياق الإقليمي والدولي.
5
هذا هو البرنامج في تقديرنا، وفي هذا السياق تُفهم الانشقاقات داخل هذه المجاميع الندائيّة وتُنتظر بعض الهجرات البينية في إطار "تمشكاية" جديدة.
في هذا السياق نفهم أيضا تكامل الأدوار بين "عصا فرانسا" أو "زلاّطها" و"حزب فرانسا" في مشهدنا الحالي. وبعض الأسف على من كان بإمكانهم أن يكونوا جزءا من بناء سياسي وطني بمرجعية الديمقراطية ومسارها، ولكنهم رضوا بأن يكونوا عصا في يد العدو، وشهيلي يطيّب لغيره.
وأمّا الشعبوية فجُرِّبت وتبيّن عجزها فهي ليست جزءا من الواجهة السياسية وستعود إلى مربعها الذي يضبطه الدستور (خليكم من تبهبيرها ) ، وكذلك الفاشية فهي في نظرهم لا تصلح إلا زلاّط تهشيم، وقد استنفذ دورها…
سيكون المخرج بحكومة سياسية في الأسابيع القادمة قد تتخذ لها صفة الإنقاذ أو الوحدة الوطنية بمعادلة ثلاثية: النهضة، نداء تونس 2 المصنوع على عجل ( من غير جماعة الشاهد وحسونة) واتحاد الشغل بحضوره التقليدي في الحكومة، فهو لم يغب على أيّة حكومة منذ 2011.
وأمّا جماعة 25 فإنّهم لن يكونوا إلا جزءا من "زلاط فرانسا" ولن ينجحوا كعادتهم، ولكن الجهات التي وراءهم لا تزعجها فوضاهم "ولِّي يهدموه ينفع" في إطار مشروع فرنسا وبقايا الاستبداد العربي في استهداف تجربة تونس الديمقراطية
هذه مرحلة عساها تخرجنا إلى شروط أفضل…وسيسأل البعض من سيرأس هذه الحكومة؟
المرجّح أن يكون المشيشي الفاشل( في السياق الحالي المشروط بحكومة الأكاديمية وسياسة التعفين) ليُغيَّر في أوّل مناسبة…