وهذه الكلمة على أهميتها تنقصها الصرامة المطلوبة. فمن المهم أن تراهن الكلمة في بدايتها على اقتناع الناس الذاتي وتجتهد في تحفيزهم على مزيد البذل والانضباط، غير أنّنا لاحظنا أمرين في الكلمة:
الأمر الأول:
هو أنّ صيغة القرارات وخاصة في الدعوة إلى الالتزام بالحجر الذاتي وملازمة البيوت لم تكن بالصرامة المطلوبة والشمول الضروري والقطع الذي لا تراخي فيه.
الأمر الثاني:
لا نعود إلى نوع من خطاب الإقناع بعد إملاء القرارات المتخذة. فالقرارات للالتزام الحرفي بها من قبل المعنيين بها وليست للإقناع بها ثانية والتماس الالتزام بها، وما يخف بكل هذا من معاني التردد وغياب الصرامة.
والنتيجة أنّ الحجر الذاتي ورد في صيغة تراهن على اقتناع الناس، والأنجع أن يكون في صيغة قرار للتنفيذ بصرامة…وحتى مع هذه الصيغة قد لا يتحقق المطلوب فيما يتعلق بحياة الناس واستمرار البلد.
كلمة رئيس الحكومة تشابهت مع كلمة رئيس فرنسا ماكرون، مع فارق في الصرامة، ومن أسبابه ما تملكه الدولة الفرنسية من إمكانيات تستطيع بواسطتها تمكين الجميع بمن في ذلك القطاع الخاص بكل ما يحتاجونه من خلال صيغة "البطالة الفنية"، فضلا عن البعد الأوروبي الذي يمثل سندًا سياسيًا واقتصاديًا لفرنسا.
في حين تجد تونس صعوبة في تغطية احتياجات اصحاب المقاهي والمطاعم وغيرهما حين يلتزمون بالحجر الذاتي. كما أنه ليس لتونس سند من منظمات مغاربية وعربية مساندة إلا من الاتحاد المغاربي والجامعة العربية القلعتين الفارغتين التافهتين.
تشعر بالإطمئنان مع كلمة ماكرون وهي لا تعنيك مباشرة، ولا تجده مع رئيس حكومتك وهو يتحدث عنك وعن ابنك وعن بلدك.
حتّى اللغة لها دورها، فعندما يكون أهل اللغة أحياء لهم موقعهم فوق الأرض وتحت الشمس، فإنّ اللغة نفسها تنطاع لهم وتحن عليهم وتكون عجينة طيعة يصوغونها بأناقة وتفوّق.
وأمّا إذا كان أهلها خاملين فإنّها تستعصي على التعبير وتتصلب، فتكون عامية مترددة باهتة أو فصحى تاعبة بعبارات تائهة.
من ناحية أخرى لا تجد الرئاسات الثلاث، الصيغة المطلوبة والفعل الموحد والجهد المتضامن في هذا الظرف العصيب، ومازالت تكركر في مشاكل تافهة تعكس عجزا عن تحمل المسؤولية تعوضه بتهويمات إنشائية لا تخرج عن موضوع النظام السياسي صارت مثار تندّر من قبل فئات واسعة وعنوان على اللامسؤولية في مواجهة مخاطر وجودية.