نشير إلى معطيين مهمّين في المشهد الكفاحي الفلسطيني اليوم:
1 -وجود مساحة من الأرض المحتلة محرّرة (غزّة) تملك جماهيرها حريّة التنظّم والقدرة على التعبئة وسلاح الردع وإسناد الكفاح الشعبي الجماهيري في الضفة والقدس. ويكثّف خطّها السياسي جملة "لا دولة في غزّة ولا دولة دون غزّة"، والأصل أن تكون هذه جملة المقاومة، ولكن نطق بها أبو مازن. وكأنها آخر ما بقي فيه من الفتحاويّة المكافحة.
وقد كان يراد لغزّة، بعد الانتفاضة الأولى، أن تكون العضو المفصول عن الجسم الفلسطيني (قبل عدوان 67 كانت تتبع الإدارة المصرية، مثلما كانت تتبع الضفة الغربية الإدارة الأردنية). وقد كان الإرهابي إسحاق رابين يقول: أتمنى أن أقوم في الصباح وأجد غزّة قد ابتلعها البحر". وكانت الانتفاضة أجبرت الإرهابي شارون رئيس وزراء العدو يومها على الانسحاب في 2005 من غزّة وتفكيك كل المستوطنات فيها. كان سينسحب بلا شروط أمام زخم الانتفاض ضربات العمل المسلّح لولا سوء تقدير سلطة أوسلو وضعف تفاوضها وتواطؤ جهة منها، فبادرت إلى مفاوضات للانسحاب أملى خلالها شارون شروطا لم يكن يملكها.
2 - تلازم المسلّح والجماهيري الشعبي في شروطه الكاملة معطى جديد، بعد إرهاصاته في الانتفاضة الثانية وانضمام الأمن الوقائي إلى الشعب المنتفض في كامل أنحاء الضفة معطى جديد. والأكثر جدّة أنه يغطي اليوم كل الضفة والأرض المحتلة. ولئن غلب على حركة التحرّر الفلسطيني أن تكون على حدود الأرض المحتلة (الأردن، لبنان، سورية) فيما سمّي بدْءًا بـ"دول المواجهة" ثم صارت مع الوقت "دول الطوق".
كانت عين حركة التحرر الوطني الفلسطيني منذ انطلاقتها المنظمة من الكويت على مساحة داخل الأرض المحتلة تدعم خط الجماهير، ولكن لم تتوفر شروط هذا الهدف لأسباب فلسطينية وعربية. وكان للكتيبة الطلابية (كتيبة الجرمق) الدور الريادي في هذا التوجه، وهي من زرع النواة الأولى لـ" السرايا " في الخليل ثم غزّة.
تزامن المسلّح والشعبي الجماهيري وتلازمهما في معركة القدس معطى جديد ونوعي في مسيرة الحقوق الكاملة وأوّلها حقّ العودة.
هذا التزامن/التلازم تؤسسه شرعية مقاومة الاحتلال بكل الأدوات والأساليب لكل شعب محتل، وهي شرعية تنبثق مع لحظة الاحتلال والعدوان نفسها كما تقرّره كلّ المواثيق الدولية والإنسانية.
المجد للشهداء.