يُدعى إلى التبرّع في الأزمات العاديّة حتّى الحادّ منها. أمّا في وضعنا الحالي فإنّ الأمر يتعلّق بمواجهة وباء يحصد الأرواح في كلّ أرجاء العالم.
لذا فإنّ من أوكد وسائل المواجهة أن ترصد الدولة المبلغ الذي تتطلّبه الحملة الوقائيّة التي تقوم بالأساس على الحجر الذاتي وملازمة البيوت، وقد قررته عديد الدول منها فرنسا والأردن... وتدعو الحكومة إلى توفير المبلغ بكلّ الطرق من البنوك وأصحاب المال والأعمال وكبرى الشركات والمؤسسات.
ويكون هذا المبلغ تحت يدها، وبه تضمن لأصحاب النشاط الاقتصادي الحر والقطاع الخاص والمهن الهشّة ما يوازي دخلهم نصف شهر أو شهر أو أكثر...
بهذه الطريقة تدخل الدولة وحكومتها الطمأنينة على الناس ولا تتركهم لأقدارهم. هذا إلى جانب إجراءات أخرى ضروريّة أشرنا إليها في تدوينات سابقة يشملها المبلغ المذكور.
هذا ما فعله عديد رؤساء الدول مع شعوبهم، وأخبروا عما رصدته الدولة من مبالغ تغطّي كل الأزمة. والأمر هنا لا يتعلّق بمقدرة الدولة من عدمها، نحن أمام حالة استثنائيّة تجنّد فيها كلّ الموارد من قبل الدولة لمواجهة الموت الداهم بالتصرف في الملك العام والخاص وليس بالدعوة إلى التبرّع في المطلق لمن أراد بنصف المرتّب أو بغيره.
أولى الخطوات توفير هذا المبلغ واتخاذ الاحتياطات المطلوبة أمام ما يمكن أن يتطوّر إليه الوضع. وأن تجنّد الدولة كلّ الطواقم الطبيّة والخبرات التقنية والبحثيّة والمخابر والصيدليات لفائدة وزارة الصحّة وخطّتها...ويمكن أن تكون التبرعات المختلفة، بعد هذا، رافدا مهمّا في الخطّة الوطنيّة وشريانا ماليّا داعما.
مواجهة الموت ليست فرصة لتسجيل المواقف الباهتة، إنّها تحدّ واختبار أخلاقي وسياسي لكلّ من له مسؤوليّة وهي القدرة على توظيف أقصى الجهود والموارد في دفع الموت والانتصار للحياة.