تابعت على قناة التاسعة عبد الحميد الجلاصي عن حركة النهضة وهيكل المكي عن حركة الشعب. وخرجت بالانطباعات التالية:
عبد الحميد الجلاصي يدافع عن موقف لقائهم مع قلب تونس، وكانت مرافعته متهافتة تكشف عن أن صديقنا عبد الحميد مجرور إلى الدفاع عن "مسار يرسمه راشد الغنوشي" منذ "لقاء باريس". صديقنا يدافع عن اللاءات التي رفعها الغنوشي في الحملة الانتخابيّٰة، وتخلّٰى عنها مع أوّٰل اختبار. ولا شيء، بما في ذلك موقف التيار والشعب في المفاوضات السابقة، يمكن أن يبرِّر سياسيا وأخلاقيا هذا الانعطاف.
وكلام عبد الحميد لا يعكس تواصل انحدار حركة النهضة سياسيا وأخلاقيّا، فقط وإنّما خسارة ما كان يمثّله صديقنا (أو هكذا توهمنا) من توجه داخل الحركة.
من جهة ثانية كان كلام هيكل المكي على قدر كبير من الانسجام، واعتبر أنّٰ تصويت اليوم يؤكد اتصال المسارين البرلماني والحكومي نتيجة لاتفاق بين النهضة وقلب تونس. ولكنه ترك الباب مفتوحا للتفاوض في موضوع الحكومة إذا استأنفت حركة النهضة في مفاوضات تشميل الحكومة بفصل بين المسارين. وهذا ينم ّعن نضج مطّٰرد في إداء حركة الشعب.
سيكون إصرار النهضة على عدم فصلها بين المسارين بما يعنيه من وضع يدها في يد ما وسمته بالفساد (أول بند في برنامجها مقاومة الفساد!!) بداية لانقسامها، فإذا كان انقسامها ضرورة ديمقراطية، في ظروف اختلال التوازن السياسي بعد 2014، فإنّ انقسامها المتوقّٰع سيكون مسألة وجوديّة.
مستقبل ائتلاف الكرامة سيكون على المحكّ، يوم غد، بعد تصويته اليوم. ويبدو أنّٰه لم ينجح أمام أول اختيار. وقد يتحدد هذا المستقبل أيضا بقضية تلازم المسارين أو انفصالهما.
إذا كانت بين النهضة وقلب تونس شراكة في تشكيل الحكومة فإنّ تكاملا موضوعيا سيفرض نفسه بين المعارضة (التيار والشعب، وليس معارضة الدستوري الحر) ورئاسة الجمهورية في تقابل مع الحكومة ورئاسة البرلمان. وهذا قد يقيم توازنا ولكنه توازن غير وظيفي.
المشهد قد يكون أسوأ من سابقه بكثير…وستخبو الآمال التي أحياها التفويض الشعبي في وقت قياسي.