كان يجب أن نعيش ما نعيشه اليوم من واقع الانقلاب**، وهذا لا يعطي للانقلاب أيّة شرعيّة، ولكن ينبّه إلى شروط كانت سببا في هذا المآل. ونعني القابلية للانقلاب بما اجتمع من أسباب مثّلت استنزافا لشروط الديمقراطية وتهديدا لتواصل مسارها.
ولقد كنا أشرنا في أكثر من مناسبة، بعد سنة من انتخابات 2019، إلى علامات الانحدار في تجربة الانتقال إلى الديمقراطيّة وحذّرنا من أنّ استفحالها قد يهدّد المسار ويغري بإجهاضه***.
وقلنا يومها: إنّ ما يجمع المنتصرين للديمقراطية مهمّتان:
1 - الدفاع عن شروط الديمقراطية باتجاه استكمال مسارها.
2 - نقد جذري لعشريّة الانتقال ومنظومات الحكم المتتابعة (2011، 2014…). وتحميل المسؤوليات، وبناء سرديّة في مواجهة سرديةَ السيستام ولواحقه الوظيفية المهيمنةَ والمكرّسةَ بإعلامه الوهابي منذ 2013.
ونظيف، بعد انقلاب 25، مهمة ثالثة:
3- الاستفادة القصوى من الفرز العميق في مستوى شروط البناء الديمقراطي، والعمل على تجميعها أوّلا، وثانيا، التوجّه الحاسم إلى بناء قوّة سياسية جديدة من هذه الشروط نفسها، من أجل استعادة مسار الانتقال واستئنافه تحت سقف دستور الثورة ومنظومته الديمقراطية ومحو آثار انقلاب بلا أفق.
وقد يسّر هذه المهمّة سقوطُ الوظيفيّة بصنفيها القديم والجديد، واضمحلال الفاشية وانتهاء مهمتها، لحظة انقلاب الشعبوية على الدستور والديمقراطيّة…
وستتعاظم ردّة فعل القوى الديمقراطية التي أوجدها التمرين الديمقراطي في سنوات الانتقال العشر، لا تقبل بشطب ثورة 17 ديسمبر وكسر مسار الديمقراطية وتمزيق دستور الثورة، ولم تعد تفكّر بتسويات كان يفرضها انقسام المجتمع المضاعف، فقد انتهت محاولات سابقة من التوافق بشروط القديم وتحت سقف المنظومة الديمقراطية إلى تفسّخ المشهد السياسي وفساد الديمقراطية.
**الفقرة خلاصة لنصّ لنا عن الانقلاب وتداعياته، لم ننشره بعد…
*** ملامح الانحدار اوردناها في مقالين، وورقة سياسية ، وقد ننشر فقرات عنها.