لا أحد باستثناء القاضي أحمد صواب من أساتذة القانون الدستوري كثيري الضجيج والجعجعة القانونية ومن أدعياء الحداثة والدولة المدنية من جامعيين ورؤساء أحزاب، تحدّث عن مخالفة الرئيس قيس سعيّد لصريح الدستور بجرّه المؤسسة الأمنية والعسكرية إلى تجاذبات حزبيّة سياسيّة في خطابه الأخير في أكاديمية فندق الجديد، وفي مناسبات سابقة.
البائس حمادي من جابالله متاع "الثورة الكربرنيكية وميلاد الفكر الجديد" الي يمضع فيها من 87 يدعو " رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى تولّي قيادة البلاد علنا في هذه الظروف الحرجة بيد قوية أمينة".
وهذا الرهط من البشر لا يمكن أن يوافقوا سعيّد على "فكره" وإنّما لاعتقاد منهم أنّه يصلح أداة لضرب الديمقراطيّة مشكلتهم الأبدية والتهديد الذي يلاحقهم.
ويبتدعون خصوما من الخوانجية لتسويق عدائهم للانتقال الديمقراطي ومحاربة الفساد. وكما قال حبيب يخلقون "خوانجية" حينما لا يُوجدون للتغطية على عدائهم العميق للحريّة والديمقراطيّة. ولا حرج عندهم في الجمع بين الحداثة ودراهم الوهابية والبنزايدية.
نؤمن بالحريّة ونؤمن بأنّها مضاد حيوي للفكر الظلامي المتحجّر المنتحل للحداثة والمعادي للثقافة الأهلية والوطنيّة. هناك قضايا لا تحلّ إلا بالوقت، فلنعط الوقت للوقت...ولا خوف فالمستقبل للديمقراطيّة والحرية والمواطنة السيدة…
وكلام القاضي أحمد صواب لن يخرجه من مرجعيته. ولكنّه موقف شجاع يشهد بدور الوقت في إمكانية بناء الأدنى من المشترك، ويتخطّى المصالح السياسيّة والإيديولوجية في مرحلة هامة يريد فيها الخائفون من استقرار الديمقراطيّة ركوب موجة قيس سعيّد ليجعلوا منه "سيسي مقلوبا".
فإذا كان قسم من شباب ثورة 25 يناير ركبه السيسي ثمّ كان مصيره كمصير الرئيس الشهيد الذي ثاروا عليه صحبة السيسي، فإنّ الرئيس قيس سعيّد إذا لم ينتبه فسيكون هو الضحيّة لأنّ اللعبة الاقليمية والدولية أكبر من انفعالاته ورغبته المتكررة في التعبير عن "المثال السياسي" "والافقية الخالصة" والاحتفاء بهما.
نرجو ألا يكون كمن ينسف الأرضية التي يقف عليها.