أوروبا باتحادها والولايات المتحدة بأطلسها وقواعدها العسكرية في العالم وحاملات طائراتها يستنفر ضدّ حصار غزة المحاصرة والمعتدى عليها هدما وقتلا وتجويعا (خمسة حروب عليها من الكيان) منذ عشرين عاما…!!!
يتواطأون على دكّ غزّة وقتل أهلها في بيوتهم من قبل طيران الاحتلال الذي صبّ على القطاع في ثلاثة أيام أربعة آلاف طن من القنابل منها القنابل الفسفورية المحرّمة المميزة بدخانها الأبيض..!!! ومن يطل على الإعلام الأوروبي والغربي يفاجأ بتجنًد غير مسبوق تحت عنوان "عدوان حماس على المدنيين الإسرائيليين وقتلهم في كيبوساتهم"!!! يتجنبون الحديث عن "طوفان الأقصى" ونتائجه العسكرية الفعلية. وقد غطاها إعلام المقاومة الصوت والصورة.
كانوا دائما منحازين لدولة الكيان، وكذلك في حالات الصدام مع المقاومة ، ولكنهم كانوا ينتحلون موقف الحياد الكاذب، وقد ينتقدون توسع المستوطنات، وينصحون بحلّ الدولتين، ويتواصلون مع سلطة عباس، دون التخلّي عن اتهام المقاومة بالعدوان وبالإرهاب. وفي كل هذا كانوا هادئين، وإذا ما تأكدوا من تحقيق الكيان لأهدافه من عدوانه يدعون إلى ضبط النفس والنفخ في رماد عملية السلام الميّتة.
لا شيء من كل هذا هذه المرّة.
هذه المرّة خطاب عدواني ولهجة مسعورة وإجراءات استثنائية طالت حقوقا ظُن أنّها ثابتة . فرنسا تعيش حالة شبيهة بحالة الطوارئ، ومنذ ساعة توجّه فيها ماكرون إلى الشعب الفرنسي بخطاب جعل من "معاداة السامية" فوق القانون وفوق الجمهورية وفوق اللائكية.
مالذي حدث ويحدث بالضبط؟
من خلال الصور التي بثّتها المقاومة لعملية طوفان الأقصى يتأكّد أنّ كل ما استعملته في هجومها على فرقة جيش غزّة النوعيّة تدريبا وتسليحا وتجهيزا من جيش العدو وتدميرها بالكامل كان بأدوات محلية وبسلاح بسيط ومن إبداع المقاومة. الصواريخ كلها محلية الصنع، والمسيّرات "زواريّة".
ولم تذكر لا تقارير العدو ولا تقارير الناتو المسيطر على سماء المنطقة سلاحا واحدا يُنسب إلى دولة من منا يسمى بمحور المقاومة، ولا من غيرها من الدول. وكان الإعلام الغربي المنحاز يكتفي بإشارات عامة عن وجود دعم من حزب الله وإيران.
لا يوجد إلاّ تفسير واحد لهذا النفير الأوروبي والغربي وهو أن ركنا مكينًا من أركان الكيان انهار "فجْأة"مع طوفان الأقصى (بعض الصحافة العبرية ذكرت هذا في اليوم الأول). وأنّ هذا الانهيار يكشف عن حالة عامة من هشاشة تنخر جيش الكيان عقدين تقريبا. حالة غطّت لعدة سنوات صورة "الجيش الذي لا يقهر"، والتي يبدو أنها "صورة متخيّلة" لم تعد تعبّر على واقع الحال. وكل الخوف من أن تتداعى الأمور إلى انهيار شامل. وانهيار الكيان يعني انقلاب الأمور رأسا على عقب.
إلقاء غزّة شهيدةً في البحر لن يوقف الانهيار الذي بدأ..ولكن لن يُترك الكيان لانهياره، وهو ما سيفتح مواجهة إقليمية كل شروط توسعها قائمة..