رأيناها في تحدّي المشهد الحزبيّ والمنظومة الديمقراطيّة ونظامها السياسي شبه البرلماني باتجاه "نظام رئاسي"يمثّل خطوة في مشروع يبشّر به رئيس الجمهوريّة أوضحُ ما فيه غموضه.
ويأتي التكليف في ظلّ مشهد حزبي متشظٍّ وبرلمان يُراد تعطيله وأحزاب متناحرة تتسابق نحو ما ينفيها في شماتة متبادلة، وأزمة خانقة. هكذا كانت مواقفها منذ 2011 من المنظومة، وتسابقت في الاستقواء بها على بعضها البعض لتجعلها في نهاية المطاف حكَماً بينها.
هذه المرة ستكون حكومة الرئيس، حكومة قيس سعيّد شخصيّا، لكن ليس بالمعنى الذي كانت تعبّر عنه بعض الأحزاب مزدهية وهي تشارك في تشكيل حكومة الفخفاخ.
نقدّر أن تكون الأزمة المالية الاقتصادية التي تعصف بالبلاد في درجة ثانية. فالأولوية كما يبدو للمعركة السياسيّة.
الجميع سيحتفي بالمكلّف الجديد، في انتظار ما سيصرّح به بخصوص طبيعة الحكومة وبرنامجها والجهات التي يريد مشاركتها فيها.
من جهة أخرى، لا يسمح ميزان القوى في البرلمان بكثير من المناورة. وسيجتهد صاحبُ التكليف في الاستثمار في الصراع الممتدّ بين مكونات الائتلاف الحكومي السابق، والفيتوات التي ترفعها فيما بينها، وغضّ الطرف عن استهداف المؤسسة الأصليّة.
هل سيكون للاصطفاف الذي تمّ على مهمّة سحب الثقة (من رئيس الحكومة ورئيس البرلمان) حضور في هذا الطور الجديد ومسار تشكيل الحكومة؟ وهل يطلّ رقم 134 من جديد ولو مرحليّا من خلال الاصطفاف على قاعدة سحب الثقة من رئيس البرلمان؟
لا شيء يمنع ذلك إذا نجح في التمفصل مع "إعادة مراجعة الشرعيّة" وغادر خوفه من مآلاته السياسيّة وتحمّل تبعاته الاقتصادية الاجتماعيّة المخيفة. أولوية المعركة السياسيّة عند قيس سعيّد لا تشير إلى استعداد جادّ لتوفير الشروط الأمثل لمواجهة الأزمة المالية الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعيّة، ولا تُنبِئ شخصيّة المكلَّف بالقدرة عليها، رغم التصريحات الأولى من المكلَّف والمكلِّف.
من خلال الشروط المتوفرة قد تكتشف الحكومة في وقت قياسي (شهور معدودة)، إذا اجتمعت أسباب منحها الثقة، أنّه لا مهمّة لها أكثر من التمهيد لانتخابات سابقة لأوانها.
تكليف يزيد من تعقيد الأزمة، ولا ينتبه إلى خطورتها تحت إلحاح الأهداف الخاصّة على حساب المصلحة العامة.