أداء المسؤولين على رأس الدولة ومؤسساتها التنفيذية غير منضبط لصريح النصوص القانونية ومصلحة البلد وتقاليد السياسة وأخلاقها، وما يأتونه من مواقف مرتجلة ومهزوزة، وما يبدو من تجاذب سياسي بينهم باسم المؤسسات التي يرأسونها وداخلها وبما تملكه من أدوات وسلطة ونفوذ... مؤشرات غير مطمئنة تربك الدولة وتضعف الثقة بها، وتمثّل مقدّمات تهدّد وحدتها واستمرارها.
نذكّر بأنّه في هذا السياق كان استهداف المؤسسة الأصليّة، واختطاف العهدة، والتحيّل المفضوح على صريح الدستور، والتناقر السياسي بين ممثلي مؤسسات الدولة السيادية، وتعمّد جرّ المؤسسة الأمنية والعسكرية إلى مجال التجاذب السياسي، والإقالات الثأرية والشخصية، ورفض الاستجابة لما يصدر منها في السياقات المعلومة، والاضطراب الفظيع المصاحب لإعلان تركيبة الحكومة، وملابسات تسمية فريقها ممّن لا يخوّل لهم القانون ذلك، وإقصاء الأحزاب عن التشاور بشأنها مع مسؤولية هذه الأحزاب وسكوتها عن إقصائها (بدعة حكومة الرئيس)، ودور الصداقات والقرابات والعائلة في تسمية الوزارات، وما رشح من عبث مخيف لا يكون إلاّ مع هرم الدولة…
ينضاف إلى كلّ هذا التغافل عن عمق الأزمة المهدِّدة بالإفلاس وعمّا يعتمل داخل شرائح اجتماعية واسعة أنهكتها البطالة وأرهقها غلاء المعيشة وأفزعتها الكورونا العائدة والجريمة المنظّمة وأحبطها انسداد الآفاق... إلى جانب غياب الأدنى من السياسات التي توقف الانهيار وتعيد بعض الأمل.
كلّ هذه مؤشرات خطيرة مهددة للدولة ومرجعيتها وللتجربة الديمقراطيّة ومسارها. إنّهم لا يتوقّفون عن عبثهم ولا يُخفون انتشاءهم بانتصاراتهم السخيفة عديمة الجدوى على القانون والدستور، وابتهاجهم بترذيل القليل الذي أقيم...
ويتواصل صمت الأصوات الديمقراطيّة والشخصيات السياسيّة الوازنة والمرجعيات الفكريّة والحقوقية والأخلاقية والكفاءات العلمية الفعلية عن هذا العبث المتواصل بمؤسسات الدولة وقوانين البلاد ودستورها ومسارها…