بعد التحوير الوزاري الأخير ورسائله السياسية العديدة وأهمّها:
- سقوط فكرة « حكومة الرئيس » التي لا موضع لها من الدستور.
- تصحيح المسار السياسي بالعودة إلى النظام شبه البرلماني وإنهاء انحراف العملية السياسية وتجاذباتها التي كانت تجري خارج الدستور وبغاية تعطيل المسار.
- توسّع الحزام البرلماني وتجدّد الأمل في توفّر شروط انتخاب المحكمة الدستورية.
في سياق كلّ هذا يمكن ملاحظة اجتماع الشروط الدنيا لمواجهة الأزمة المالية الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعيّة (توسّع الاحتجاجات، العجز عن تدشين الإصلاحات المطلوبة، المشاريع المؤجّلة) والتصدّي بخطّة طموحة للوضع الصحّي الذي شارف على الكارثة.
في الأثناء يبقى موضوع من أثيرت بشأنهم شبهة تضارب مصالح من الوزراء الذين نالوا الثقة من البرلمان(ثلاثة وزراء)، فإنّ حصولهم على الثقة لا يمنع أن يتمّ التحرّي في شأنهم من قبل الجهات المختصة. ويتمّ إقالة من تأكّدت الشبهة فيه. وكذلك الأمر نفسه في موضوع شبهة الفساد.
وفي موضوع أداء القسم هناك إجماع بين أساتذة القانون الدستوري على ضرورة اللجوء إلى "الإجراءات المستحيلة"، باستثناء أمين محفوظ والصادق شعبان (من توارزية بن علي). ثمّ إنّه ليس من مصلحة رئيس الجمهوريّة أن يظهر عنصرَ إرباك دائم في أعلى مؤسسات الدولة وعقبة في سبيل مواجهة الأزمة الشاملة والتخفيف من معاناة أوسع الفئات.
توجّه الحكومة إلى فتح الملفات الكبرى في سياق هدنة سياسيّة واجتماعية وإعلام حر ومسؤول من شأنه أن يملأ الفراغ الذي توسّعه السجالات الحزبيّة المملة وتديمه التجاذبات السياسيّة الحادّة وحملات التشويه والترذيل التي استنزفت الجميع.
ما حدث يوم 27/26 (على خاطر السيّد الرئيس) بالبرلمان انتصار جزئي ومرحلي للديمقراطيّة، وسياق مناسب للخروج من حالة الشلل التي طبعت الاداء الحكومي منذ انتخابات 2019.
أمّا الحكاية الحولة التي صدرت أمس عن ديوان رئاسة الجمهوريّة وفصّل فيها بلاغ الرئاسة، فإنّ النيابة قد كشفت كذبها وستتكفّل بالنظر في ما بقي من أركانها. وهي في حقيقتها تخرج عن باب السياسة وأبجدياتها إلى تقاليد لا يمكن نسبتها إلاّ إلى نظام التفاهة والشعبوية والإلهاء العابث وانعدام المسؤولية. ولكنها مهمّة في توضّح الصورة وتكشّف جانب من حقيقة الفعل السياسي وغاياته في مؤسسات الدولة الأولى والنظام السياسي الجديد.