مجموعة السبع.. الاتحاد الأوروبي.. الخارجية الأمريكية.. الأمم المتحدة.. كلها تعبّر عن قلقها من غموض المسار السياسي بعد الانقلاب.. وتصدر بيانات إدانة مع كل خطوة يتخذها الانقلاب في تفكيك مؤسسات الدولة الديمقراطية…
ولكن سعيّد يقابل كل هذه الأطراف الوازنة دوليا بلهجة تحدٍّ تذكّر بخطابات القذافي وكاسترو وشافيز الحماسية…
سؤال/فرضية :
في غياب قاعدة شعبية حقيقية لسعيّد( يوم 6 فيفري دعا بنفسه إلى التظاهر للمطالبة بحل المجلس الأعلى للقضاء فاستجاب له عشرات فقط)، من أين يأتي بكل هذا التصميم والعناد للاستمرار في برنامج انقلابي عارٍ وفجّ وركيك يتجه نحو إقامة نظام دكتاتوري فردي بوليسي أمام أعين العالم…؟!!
الأرجح أن تحولا استراتيجيا جذريا هو الآن بصدد الحدوث في تونس.. ومنها.
هذه المنطقة المحسوبة تقليديا على المجال الحيوي الفرنسي الأمريكي الغربي.. يبدو أنها تنزلق إلى محور روسي(مغامر) /صيني(زاحف اقتصاديا في صمت).
كيف حدث هذا في بلد كل مؤسساته وقطاعاته "مراقبة" فرنسيا وأمريكيا.. وبهذه السرعة ؟
لنجيب على هذا السؤال تكفي إطلالة على المحرقة السورية لنفهم كيف اقتحمت روسيا منطقة "طوق أمريكي" وفرضت معادلة ميدانية جديدة.
ما فعلته روسيا هناك من تسوية كل المدن السورية بالأرض وتهجير وإبادة أمام تواطؤ/موافقة/صمت صهيوني أمريكي.. هو درس مفتوح لفهم طبيعة الفاعل الروسي.
هذا الفاعل دخل ليبيا منذ سنوات. وهو يتفاوض/يتعامل هناك ميدانيا مع تركيا..
دور مخابرات روسيا في الانتخابات الأمريكية التي حملت ترامب إلى الحكم صار معلوما. وما حدث في الانتخابات التي جاءت بسعيد لا يخلو من بصمات غرفة تخطيط قوية تستهدف كل خريطة العالم.
ما قيمة تونس الاستراتيجية حتى يقتحمها الروس؟
هي حلقة ضرورية لاستكمال الانتشار الروسي الجاري حاليا في ليبيا والجزائر وافريقيا جنوب الصحراء.
وهو انتشار يجري في منافسة وتقاطع وتوازٍ مع برنامج تركي شبيه في القارة.. ولكنه انتشار لا يستطيع مجاراة "العقيدة البوتينية" المجسّدة للتقاليد القيصرية والستالينية معا.
ما فرضته روسيا على تركيا من تراجع وانكفاء في سوريا مثال لما يمكن أن تفعله بها في افريقيا.
والتونسيون في كل هذا…؟
بڤرالله في زرعاللّه…*