استمعت إلى حوار إذاعي مع "أنَسْ الشابي" صاحب كتاب "مذكرات رقيب كتب". الحقيقة لفتني عنوان الكتاب وخمّنت أن شهادة توثيقية من هذا النوع مهمة فعلا لفهم آلية من آليات التسلّط والقمع والتخلّف في أشباه الدول التي ابتلينا بها.
ولكنني بعد أن استمعت إلى الحوار وجدت صعوبة في تعريف علاقة هذا السيد بالكتابة والقراءة. المصيبة أنه، بحكم مهنته الرقابية، مضطر لقراءة الكثير من الكتب. ولكنه حين يمسك الكتاب يكون رأسه عبارة عن مسدس مشحون برصاص الأحكام الجاهزة المعلّبة الممتلئة بوهم الحقيقة النهائية. ومع أول حرف من غلاف الكتاب يشرع في إطلاق الرصاص على صاحب الكتاب لا على الأفكار فقط.
يعني هو لا يقرأ ولا وذني.. بل يزداد جهلا مع كل كتاب. لذلك
يفاخر السيد بأنه يشن حربا على نوع معيّن من الفكر وأنه يلاحق أفكارا صنفها عقله المبرمج في حلقات التعبئة الايديولوجية الحزبية رجعية ومتخلفة وظلامية وخطرا على الاستقرار الفكري الذي كلفه النظام الحاكم بحراسته.
السيد قرأ مئات الكتب، ولكنك حين تسمعه لا تجد أدنى أثر للقراءة في جملته الركيكة السطحية الفقيرة المفككة. هو شخصية روائية عبثية طريفة فعلا. شخصية كائن بشري عاقبته الآلهة بالقراءة الدائمة للكتب ليزداد جهلا.
لو كنت مكانه لآنتحرت. فأنا لا أتخيل عذابا أشد من أن أُضطرّ لقراءة صفحة واحدة من كتاب لا أُقبل عليه بحبّ.
تبا.