ببساطة هي حكاية صحيحة. قرطاج الآن في يد مجموعة تؤمن بأن الترف من "حقوق الحاكم". ومن تمام هيبته وسطوته وتقاليده الراسخة.. تماما كما يمثل الصولجان في يد الملك عنوانا ضروريا لقوة ملكه. ومثلما أن لا هيبة لمَلك من دون صولجان، لا قيمة لقصر رئاسي من دون وفرة في اللحم.
طبعا هذا لا يمنع جماعة القصر من تشجيع الرئيس على المواصلة في ترديد حكايات طريفة عن بغلة عمر.. ومن مرافقته فجرا مئات الكيلومترات أيام الحجر الصحي وحظر الجولان لمكافأة مواطن فقير أهدى بيضة، وهي كل ما يملك من الدنيا، إلى الرئيس من شدة سعادته برؤيته.
تذكرون موكب سعيد في عيد الجلاء الأخير في بنزرت طبعا. موكب بعشرات السيارات المدرعة والجديدة. وكرسي يشبه عروش الملوك. وتلك الجلسة السلطانية التي تجلى فيها سعيد كما لم يعد يفعل أي رئيس ولا ملك في العالم..
وتذكرون لقطة تسليمه لرسالة إلى "صاحب البريد" وكيف قال له بلغة سلطانية قاموسية رثة "ولا تعودنّ من عنده إلا ومعك الرد"..، حكاية اللحم هي جزء من هذه المشهدية السلطانية الرثة المثيرة للضحك، والحزن، والسخط، والقرف.
ليس في الأمر شعبوية مطلقا. ولا مقارنة بتسريب قاروص الرمادي المكلف بمهمة ترذيل رموز الديمقراطية أيام المرزوقي. حكاية "لحم قرطاج" هي جزء من رؤية" أكولة" للسلطة يحملها سكان القصر الآن.
نحن أمام حالة "عصاب سلطوي ملحّم".