يبدو أن نقابة الثانوي ستنجز بيد قيادتها الحالية وفي زمن قياسي ما فشلت في إنجازه دكتاتوريتا بورقيبة وبن علي خلال أربعة عقود. الاستبداد دجّن مركزية الاتحاد ولكنه فشل في منع الهياكل النقابية القاعدية من أن تكون ساحة تحشيد سياسي دائم ضده.. حتى جاءت القيادة الحالية لنقابة الثانوي لتقوم بهذه المهمة التخريبية "التاريخية".
ببساطة نقابة الثانوي رهينة عند تيارين سياسين مواليين كليا للانقلاب، هما حركة الشعب والوطد. ولا يمكن لهذين التيارين أن يسمحا لأكبر قطاع مهني في البلاد أن يكون ساحة مواجهة سياسية مع نظام سياسي يعتبرانه تجسيدا مثاليا لأطروحتيهما السياسية.
اليعقوبي وجماعته موالون موالاة مطلقة للانقلاب. ومستعدون لكل أنواع المناورة لتمييع مطالب الأساتذة التي يتظاهرون بتبنيها مقابل عدم إحراج حكومة انقلاب وضعوا كل بيضهم في سلته. فضلا عن أن "انتداب" الانقلاب لوزير تربية من "جماعة اليعقوبي" كان مناورة تكتيكية رشيقة من غرفة الحكم، بحيث لم تعد الجلسات بين النقابة والوزارة تفاوضا بل تنسيقا حزبيا داخليا بين جماعة النظام.. ضد قطاع مزعج.
طبعا توجد تنسيبات كثيرة حقيقية لهذه الصورة. منها أن حركة الشعب والوطد تشقهما الآن اختلافات حقيقية في قراءة الانقلاب بعد كل التطورات التي حدثت منذ 25 إلى اليوم. هذه الاختلافات هي التي تفتح كوة صغيرة لتدارك متأخر جدا أقرب إلى حركة بهلوانية يائسة بعد كل هذا الخراب.
لكن الثابت أن حصيلة مسار التمييع للمطالب والتواطؤ مع النظام والتهرئة لطاقات الأساتذة والتلاميذ والعائلات الذي قادته النقابة "القومية الدستورية" هي صورة كارثية للعمل النقابي في مخيال هؤلاء جميعا. بحيث أن اسم النقابة في ذاته صار يدل الآن على شيء واحد: العمالة.
تبا.