شهرزاد عكاشة، في التسريب الثاني، تخاطب منذر الونيسي، وهو رئيس حزب سياسي، بلهجة تعليمية. تتحدث إليه وكأنها تلقنه درسا في السياسة.
طبعا واضح أن مضمون حديثها "معطيات" وقع تكليفها بتبليغها من طرف جهاز ما. جملتها عامية سطحية فقيرة من العار أن يستمع إليها مجرد الاستماع سياسي يحترم نفسه فضلا عن أن يكون رئيس حزب...
تقول له: " منذر يحبوك أنت تعمل العركة وتقعد أنت في الدوانة.. داكوردو ؟.. هاهو المخطط وانا شنوة نفهم تو.. على خاطر اللي يحرك توا.. برشا تقاطعات تظهر عند رضا.. شوف هو المخطط.. آش كان باش يصير.. النهضة تولي ما يسمى بالنهضة لايت.. وما يسمى بالصقور الكلها تدخل للحبس.. داكروردو.. هذا مخطط الفرنسيس.. ماهو يلزمني نوڤظك... "
يعني هي السياسية الاستراتيجية المطلعة جدا تحذره من أن يكون أداة تنفيذ لمخطط فرنسي يتبناه شق "عميل لفرنسا "في النهضة ويقضي بالتضحية بالقيادة التاريخية والصقور ووضعهم في السجن تمهيدا لتصعيد قيادات مهادنة للانقلاب وتقبل بالانخراط في المسار الانتخابي تحت سقف الدستور والقانون الانتخابي الانقلابييْن.
الغريب أن الونيسي بدا متفاجئا من المعطيات حين قال لها ".. متأكدة من هذه المعطيات؟.. أنا راني ناثق فيك".. رغم أنه في البداية أراد أن يظهر أمامها عارفا جيدا بخلفيات الشخص الذي حملته هي مسؤولية تنفيذ هذه الخطة الفرنسية داخل النهضة.
والأغرب أن الونيسي يتبنى الفكرة التي تحذره منها عكاشة: نهضة جديدة "لايت" متخففة من قيادات المهجر والسجن وتحمي منخرطيها من تداعيات ما يسمى بخيار "مقاومة الانقلاب" الذي لا تملك حسب كلامه أدنى شروطه لأنها "دڤداڤ" أي حطام ولا قدرة لها على مواجهة الانقلاب.
يعني هي تنبهه من نفسه في الأخير. الخلاصة.. يا مخابرات العالم.. بصحّتك.
تتذكرون
تتذكرون طبعا التسريبات الدنيئة لنادية عكاشة التي تحدثت فيها عن شؤون سعيّد الشخصية والحميمية..؟
قلت وقتها أن التسريبات ممارسة قذرة لا تنتمي إلى السياسة ولا يليق بناشط سياسي محترم أن يخوض فيها لأنها من صنع مخابرات تخترق دولنا أجهزة وأحزابا وتنظيمات وأفرادا وتستهدف المشتركات الأخلاقية الدنيا لمجتمع السياسة من الأساس.
يومها احتفى بها خصوم سعيّد وملأوا هذا الفضاء بتفاصيلها واعتمدوها في "تحاليلهم السياسية".
اليوم تواصل نفس الأجهزة المخابراتية تلويث السياسة والوعي بتسريبات تستهدف طرفا معارضا.. ويجد من احتفى سابقا بالتسريبات نفسه مكتويا بنفس النار…
ويجد الرأي العام السياسي نفسه غارقا في جدل سخيف لنفي أو إثبات تسريبات من صنع مخابرات لكن بأيدي قاذورات تدعي الاشتغال بالصحافة.. بل وتدعي مقاومة الانقلاب.
وتبا.