نعم.. هناك انقسام حقيقي حول الانتخابات الرئاسية...!!!

قبل البلاغ الأخير للرئاسة الذي عين تاريخ الانتخابات، كان الانقسام جذريا حول ما إذا كانت ستجري رئاسيات أم لا. وكان الرأي الغالب أنها لن تجري، لأنها تتناقض جوهريا مع الخطوات التي قطعها مهندسو 25 في إرساء قواعد الحكم الفردي (نظام رئاسي ومجالس نواب وجهات وأقاليم صورية). والقول بأنها لن تجري يعني أيضا أنها إن جرت فستكون بشروط وسقف نظام 25، أي لن تكون انتخابات حقيقية بل تحايلا على الديمقراطية.

لكن موجة الترشّحات الفردية المتزامنة واللافتة في جدية أصحابها، والتي انطلقت منذ أشهر،أعطى انطباعا واسعا بأن جهة ما، دولية نافذة، قرّرت "فرض" إجراء انتخابات رئاسية، أي فرض ترتيب جديد للوضع في تونس، فظهر الزنايدي المقيم في فرنسا والذي يُعتبر موضوعيا إحياءً لنظام الطرابلسية/بن علي، وشرع المرايحي الطموح في بث سلسلة من الفيديووات الرئاسية المنهجية، وقبلهما كانت طبعا التجمعية المتطرفة عبير موسي"الرئيسة" عند أنصارها، وتردد اسم الصافي سعيد وألفة الحامدي وناجي جلول…

بدا من خلال حماسة الترشحات وكأن أمر إجراء انتخابات "جدية"، أي ديمقراطية وحرة ونزيهة، في طريق التأكّد. ولكن النظام ظلّ غامضا إزاء الموضوع. فمرّة يصرّح سعيّد أن الانتخابات ستجري في موعدها(فيفري 24)، ومرة يقول أنه لن يسلّم الحكم لمن لا وطنية له (أفريل 24)، ومرّة يوكَل إلى أحد أعضاء هيئة الانتخابات التصريح بالمواعيد المفترضة للانتخابات، ليقوم عضو ثان بنفي التصريح الأول، بحيث من المستحيل أن نجزم إن كان هذا الغموض حول مبدأ الانتخابات وموعدها ممنهجا ومقصودا، أم أنه ارتباك داخل منظومة 25 نتيجة "اختلاف" داخلها، أو نتيجة ضغوط تتعرّض لها من جهة ما أو ربما أكثر من جهة.

البلاغ الأخير حسم مبدأ تنظيم الانتخابات وتاريخها، ولكنه مجرد قرار إجرائي شكلي "مسقط" في واقع لا علاقة له لا بانتخابات ولا بديمقراطية. فتصفية المعارضين وسجن المرشحين الجديين المحتملين وغلق الفضاءات الإعلامية والمدنية الحاضنة للعملية الديمقراطية، كل ذلك يجعل من الانتخابات المزمعة "لا حدث".

بالمقابل، لا شيء يمنع المتمسكين بالترشح في هذا المناخ الاستثنائي من المراهنة على "عبث الأقدار". لأن غياب عقل ناظم لسلوك منظومة الحكم قد يقتضي ما يقابلها من اللاعقلانية في سلوك المعارضة.

لذلك.. يبدو أننا مقدمون على صيف انتخابي سنعوم فيه ونغطس في العرق.. وخاصة في اللاعقل.

وتبا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات