معجزة 7 أكتوبر غيرت سياسة أمريكا في المنطقة 180 درجة. وبعدما كانت تسحب قواتها العسكرية تدريجيا من العراق وسوريا عادت بأهم حاملات طائراتها وكأنها ستخوض حربا ضد قوة عظمى في حجم الصين أو روسيا.. وهي تخوض الآن فعلا حربا ضد أهم عدو لها في العالم.. وهو فلسطين.
تحرر فلسطين من الاحتلال الصهيوأمريكي هو الحدث الوحيد الذي يمكنه أن يدق أول مسمار في نعش الهيمنة الأمريكية المتوحشة على العالم. لذلك لم تتردد أمريكا لحظة في التدخل بكل توحشها. وحين نرى ردود فعل الجميع "العاقلة والرصينة" أو المحسوبة بدقة حذرة.. بدءا بالصين وروسيا وصولا إلى تركيا وإيران، ندرك أن كل هؤلاء فهموا جيدا أن هذه الحرب هي حرب أمريكا، وأنها مستعدة فيها للأقصى. لذلك اكتفت كل هذه القوى بلوك الكلام البذيء حول ضرورة وقف إطلاق النار وفتح المعبر وحماية المدنيين وهم يدركون تماما أن ما تقوم به أمريكا الآن فعليا هو محو غزة بالكامل ونهائيا.
في سوريا القريبة من فلسطين تدخلت أمريكا لاحتواء الثورة بالإرهابيين المرتزقة ومولهم عملاؤها في الخليج قبل أن تشكل هي نفسها تحالفا دوليا لمحاربة "الإرهاب" لا لإسقاط النظام الذي تدخلت إيران أيضا لحمايته من شعبه، قبل أن تحسم روسيا موضوع الثورة وتكلف أهم قادتها العسكريين بملف إبادة كل الحاضنة الشعبية للثورة في انسجام وتنسيق كاملين مع أمريكا وإسرائيل.
المقاومة في غزة أمر آخر تماما.. هي ظاهرة تاريخية نوعية طارئة.. نبتت من خارج اللّوجيسيال السياسي العالمي كله. لذلك لا أحد من لاعبي السياسة السابق ذكرهم مستعد لحمايتها أو المراهنة عليها و تحمل تبعات ربط مصيره بها.
لذلك غزة الآن يتيمة تماما.. وبقية العالم عاهر.
تبا.