حين تخرج امرأة مسنة في عز القايلة وتغلق الطريق لتطالب بالماء لدجاجاتها التي تموت عطشا أمام عينيها، يجب أن نخجل جميعا من أي حديث في السياسة.
توفير الماء فكّرت فيه كل الحضارات القديمة وأنجزت منشآت مائية مثلت معجزات معمارية خالدة. أنشأ الرومان جسورا معلقة، المعروفة بالحنايا، لنقل الماء. وأنشأوا خزانات المياه العملاقة في قرطاج. وقدّسوا الماء فبنوا له معبدا في زغوان. وأنشأوا الصهاريج العظيمة في باجة. وأنشأ الأغالبة فسقيات القيروان العظيمة. وقبلهم جميعا حفر البربر المواجل لتجميع مياه الأمطار في الوسط والجنوب حيث تقل الأمطار…
إلى أن جاءت سرّيفة من الحكّام التوانسة اكتفت ببناء بعض السدود ثم إهمالها تماما. وشجّعت على تخريب فسقيات البايليك التي تركها الأتراك والتي كانت تسدّ حاجة غير القادرين على حفر مواجل وفسقيات في ديارهم. وجاء رئيس ينكر وجود أزمة ماء ضربة واحدة ويحمّل مسؤولية انقطاع الماء إلى متآمرين أشباح، في الوقت الذي يتحدث فيه كل العالم عن أزمة مياه…
وجاءت عوامّ سياسة تسخر من مقترح اشتراط رخصة البناء بوجود ماجل في التقسيم البلدي، وهو الحد الأدنى المطلوب للبدء في مواجهة خطر الفناء.
والله شي يوجع القلب.