الخلاصة.. مثلما تم استعمال النهضة ولافتة الإسلام السياسي عموما لإجهاض الانتقال العربي الى الديمقراطية وتزييف عناوين الصراع السياسي ( حسم مشكلة الهوية والتنصيص على الشريعة في الدساتير..)، والاستثمار في الجهادية التكفيرية لاختراق ثورات عربية عظيمة (الثورة السورية أساسا التي تم تفجيرها من الداخل عبر التمويل والتسليح الخليجي للحركات التكفيرية والتي انتهت بتذويب التيارات السياسية الديمقراطية والثورة عموما.. وليبيا بدرجة ثانية..) …
بعد انتهاء تلك المرحلة بتشويه رهيب للديمقراطية وبموجة انقلابات دموية أو/وشعبوية، ها نحن نشهد في تونس فصلا آخر تديره الثورة المضادة.. هدفه مواصلة تمييع فرص العودة إلى الديمقراطية مهما كانت ضآلتها.
فصل يُدار مخابراتيا.. أي بالاستدراج و الفبركة والتسريبات المشوِّشة التي تحقق النتائج المطلوبة منها بقطع النظر عن صحتها من خطئها. لكن الثابت في هذا الفصل والذي يشترك فيه مع الفصل الأول من خطة الثورة المضادة، هو استعمال الحركة الإسلامية/النهضة مادة أساسية للعمل الانقلابي.
للأسف سيبرر البعض ذلك بالقول بأن النهضة هي التي تقض مضاجع الثورة المضادة لذلك يتواصل وضعها في قلب الاستهداف.. لها وللديمقراطية الممكنة. لكن قناعتي هي نقيض هذا : النهضة واقعيا وميدانيا وسياسيا منتهية. لكن مصلحة الثورة المضادة هي مواصلة الإيهام بأنها هي الرقم الصعب في أي ترتيب سياسي مستقبلي.
الاستثمار في وهم "النهضة" يمثل محور استراتيجية الثورة المضادة لأنه يسجن فكرة السياسة في مجتمعاتنا في هامش من هوامش السياسة…
هامش الاستقطاب القديم السخيف : مع النهضة أو ضدها.
سياسة يكون فيها دخيل وعكاشة أبرز وأهم صانعي المادة الإعلامية والسياسية ، ويصبحان فيها _وهما من رموز الضحالة والتفاهة ومن الناطقين باسم الأجندات البوليسية_ مصادر معلومات توجه الرأي العام السياسي وتصنع أجندات الأحزاب.. هي سياسة مسخرة.
تبا.