يؤكد أن الاحتجاجات الشبابية في الأحياء الشعبية خلال شهر جانفي كانت بقرار وبتحريض من جهات سياسية.. حجته أن المظاهرات توقفت فجأة في ساعة واحدة في كل الأحياء... أطراف مجهولة.. "ألقت بالشباب في أتون النيران وفي السجون ثم اختفوا" ...
وبلهجة الحاكم الأكبر .. يأمر وزيرة العدل الجالسة أمامه بالتسريع في إنهاء محاكمة الشباب الضحية ليتمكن من تمتيعهم بالعفو.. بل ويدعو إلى إعادة النظر في من تم الحكم عليهم ولم يرتكبوا جرما، بل هم "فقط أشعلوا النيران احتجاجا في عجلات مطاطية".
هؤلاء حسب رأيه ضحايا.. والمجرمون الحقيقيون لا فقط أحرار، بل يتحكمون في القضاء.. ف"ليس من العدل أن الذي سرق آلاف المليارات يريد أن يتحكم في سير القضاء"...
وينهي بدعوة "التونسيين إلى عدم الزج بأنفسهم في ترتيبات يقف وراءها من ينتفع ببؤسهم".
لنكن واضحين :
الجميع يعلم أن البلاد في قبضة لوبيات ومراكز نفوذ وغرف تتحكم في مفاصل الاقتصاد.. والسياسة.. ولكن الاحتجاجات الشبابية ليست بالضرورة مفتعلة وموجهة سياسيا.
وأن يتحدث الرئيس بهذا الوثوق عن عدم عفوية المظاهرات الليلية الأخيرة يفرض عليه تقديم المتهمين الحقيقيين.
هل يعجز عن تكوين ملف قضائي وحيد وهو الذي يشرف على أجهزة أمنية تطلعه على كل شيء.. وهو الذي قال بنفسه أن أخبار جلساتهم وموائدهم ومؤامراتهم تصله أولا بأول؟!
لو أنه يفعل، سيعطي للبؤساء عنوانا لثورة ثانية ضد اللوبيات تكمل ثورتهم الناقصة.. العاجزة.
ولكن للأسف.. ما دام يكتفي بالتهويم.. لا نستطيع فهم خطابه إلا في سياق تحويل وجهة الرأي العام عن فضيحة "فخفاخ غايت".. وفي سياق حربه العبثية المفتوحة مع وزيره الذي رفض أن يكون فخفاخا ثانيا.