الحقيقة.. من يدافع عن المنظومة الحالية الرثة، كما لو أنها قدرنا النهائي، لازمو ينحّي وجهو.. والا يغسلو بالجافال. لكن في المقابل يخرجلك شبه سياسي شبه حقوقي شبه أمّي مثل عبد الرحمان الهذيلي (أعرف تاريخه المناضل تقريبا زمن بن علي) ويطلب من الناطق باسم وزارة الداخلية أن يرفع الأمنيون الحماية عن السياسيين الفاشلين ولا يعرّضوا أنفسهم للخطر دفاعا عن سياسيين مختبئين في ديارهم... يقول بالحرف " خلّوهم يتحملوا مسؤوليتهم علاش تتعرضوا للخطر في بقعتهم...".
وتنطلق جوقة نقابات أمنية.. الناس الكل تعرف السياق اللي ظهرت فيه.. وتدعو الأمنيين إلى عدم تحمل مسؤولية فشل السياسيين والانسحاب من الميدان وترك المتظاهرين في الشوارع يفعلون ما يشاؤون.. تحت شعار زائف ومخادع "لسنا مستعدين لنكون كبش فداء لأهل السياسة الفاشلين كما كنا في 2011"..
مع بن علي كنتم جهاز رعب يدوس القانون ليحمي الطرابلسية لا جهاز أمن ينفذ القانون ليحمي المواطن ودولته.. صحيح أن كثيرا من الفاسدين مستمرون في الحكم.. ولكن مناخ الحرية الذي وفرته الثورة رفع عنهم غطاء السرية وأتاح ولو نسبيا بداية فرصة كشفهم وملاحقتهم على الأقل بالجزء الصغير الذي تحرّر من القضاء.
أيا سيدي لنفترض أن هؤلاء "الجعابنة"من الحقوقيين والأمنيين قالوا هذا الكلام من منطلق فائض في الوعي السياسي.. وانسحب الأمن وتم إطلاق أيدي ثوار الشوارع لنهب المغازات وتخريب مؤسسات الدولة.. واقتحموا البرلمان اللعين وسحلوا النواب.. ثم مروا إلى القصبة وافتكوها من السياسيين الفشلة.. ولاحقوا بقية السياسيين ورموز الأحزاب في ديارهم فأحرقوها ونهبوها.. وعمت الفوضى.. هل تضمنون سلامتكم الشخصية؟ ألا يمكن أن تكونوا ضحايا عرَضيين للعنف الأعمى الذي يفتقد التمييز بين المجال السياسي والخاص؟
ألا تدرون أن الحروب الأهلية تنشأ بهذا الشكل.. ستتشكل مجموعات عنف من منحرفين مرتزقة تعمل عند من يستطيع الدفع.. ولا أظنكم منهم.. فتكونون رقما مجهولا في عدد الضحايا...؟!!
هل تظنون أن هذا السيناريو خيالي؟! ... كثير من الدول الحديثة مرت بهذا الكابوس المرعب.. وهو جحيم يحدث حاليا في ليبيا واليمن وسوريا والعراق.. الخ.. فلا تفتحوا على أنفسكم وعلى شعبكم بغبائكم بابا لن تملكوا مفاتيح غلقه.
القانون والديمقراطية هما التجسيد الأرقى حتى الآن للعقل.. وشباب الفصائل اليسارية في الجامعة الذي يلتحق بالمظاهرات منتشيا بأفكار ماركسية عطنة ترى الدولة جهازا طبقيا بورجوازيا محضا يجب أن تخربه جماهير العمال، ورغم أنه شباب اختار طريق الفعل والالتزام السياسي الايجابي، فهو للأسف يعيد تجريب طريق الوهم. طريق مر منها قبلهم كثير ممّن يؤطرونهم سياسيا الآن.
يوميات مأزق…