وربما اعتذار من صاحبه.
كتبت تدوينة قبل سماع الخطاب عبرت فيها عن عدم تحمسي لسماعه. والحقيقة لم أكن أقصد ما ذهب إليه كثير من أصدقائي من مهاجمة مجانية ومتسرعة ومبالغ فيها جدا للتيار الذي عبر عنه الخطاب. فمثلما لا أتحمس لصاحب الخطاب لأسباب فكرية وسياسية استراتيجية، لا أتحمس أيضا لاستسهال مهاجمته لأسباب غير وجيهة في عمومها.
الآن انتهيت من سماع الخطاب كاملا متوقفا عند كل تفصيل فيه. والحقيقة هو خطاب إيجابي جدا ومحترم من حيث مبدئيته وضرورته في سياق "الدعم والمساندة" للمقاومة الأسطورية في غزة. مقنع في كل مفاصله.
فالمتحدث واع تماما بحدود إمكانيات حزبه وقوة الدولة التي تدعمه. وواع أنه يواجه أمريكا مباشرة لا الكيان فقط (قلت هذا حرفيا منذ أيام)، وأن الانخراط في الحرب الحالية، وهو منخرط فعليا، يعني انخراطا في مشروع تغيير لخريطة العالم السياسية، وهو ما يقتضي المراهنة على الوقت والصمود والتخطيط الجيد.
لذلك أنا أتفهم جدا واقعيته حين قال يجب العمل الآن على هدفين اثنين فقط: وقف العدوان والإبادة، وتثبيت انتصار المقاومة الفلسطينية التي اعترف لها بأنها كانت صاحبة القرار الوحيدة في إطلاق الحرب الأخيرة.
إشارته إلى خطر ما يتم ترويجه صهيونيا وفي أوساط رسمية عربية من أن انتصار حماس هو انتصار للإخوان ذكية ومهمة. انتصار حماس هو انتصار وطني جامع واستراتيجي للفلسطينيين ولقضيتهم.
حديثه عن مساهمة الجبهة اللبنانية مع العدو حقيقي ومقنع. وحزبه يدير تلك الجبهة بخبرة.. وبتضحيات كبيرة.
قناعتي أن ما راكمته المقاومة اللبنانية، رغم كل التناقضات والانقسامات والتعقيدات الإقليمية والفكرية التي رافقتها والتي لا أحد يمتلك القدرة على حسمها الآن، هو رصيد استراتيجي عظيم وفاعل وواقعي لمشروع التحرر العربي.
يكفي أن حماس التي تسطر هذه الملحمية التحررية الكبرى تراهن على هذا الرصيد.. وتعتبره حليفها الأول والأكبر.
لنكفّ عن العناد.. وندعو لهم، نحن العجزة، بالنصر.