لا أفهم طبيعة الجرائم التي يُتهم بارتكابها القروي.. أعرف عموما أنها تهرب ضريبي وتبييض أموال.. ولكنني لا أمتلك أدوات قياس تأثير هذه الجرائم في الانهيار الحالي للاقتصاد التونسي لأستطيع تحديد حجم مساهمة القروي في تخريب الدولة.
ولكنني بالمقابل متأكد تماما أن جرائم الفساد المالي/السياسي في تونس سابق جدا لولادة القروي، ولاحق لها. وأن شبكات تهريب العملة والذهب وكل الممنوعات وعلى رأسها المخدرات الموجودة في كل الأحياء والقرى التونسية.. وتبييض الأموال عبر البنوك المعولمة.. وعبر إغراق البلاد بالفريب المزدهر أكثر زمن الكورونا.. هذه الشبكات متجذرة في كل أجهزة الدولة.. وما ملف أعلى مسؤول قضائي تونسي إلا رأس جبل الجليد.. وهي أكبر كثيرا من "القروي الصغير".
القروي متهم بالفساد والأرجح أنه فاسد فعلا.. ولكنني متأكد أنه لا شيء وسط "نمط إنتاج الفساد" الممأسس في تونس.
إذن لماذا القروي؟
لأنه "ولد سوق".. فاعل اقتصادي مغامر.. يخوض معركة السياسة باندفاع وبعقلية "برلسكونية".. ويهدد باكتساب أدوات قوة تمكنه من توسيع نفوذه المالي. الشاهد هو من كان وراء إيقافه خلال الحملة الرئاسية بطريقة هوليودية.. هذه حقيقة. القضاء في قلب "نمط إنتاج الفساد".. وإيقاف القروي حتى لو كان مبادرة قضائية حرة ومستقلة، خطوة جزئية.. أراها بلا أفق.
إيقاف القروي ليس حدثا. ونهاية حزبه المفتعل ليس حدثا. الحدث هو أن استقلال القضاء.. وتفكيك "نمط إنتاج الفساد" لا يصنعه إيقاف مجرم فرد.. ولو كان القروي.