استقبال رسمي من قائد انقلاب في تونس لزعيم تنظيم انفصالي عن المغرب هو حدث انقلابي. حدث لم تسبقه مقدمات منطقية مثل اعتراف رسمي تونسي بدولة الكيان الانفصالي تمهيدا لاستقباله.
هل يعني هذا أن قرار الانقلاب بالاعتراف الفعلي بالبوليزاريو كان قرار مستعجلا ومفاجئا ؟ طبعا لا. رأيي أنه قرار "طبيعي" ينسجم مع طبيعة الانقلاب.
لنتذكّر أولا أن البوليزاريو خنجر في خصر المغرب العربي. خنجر يحظى بدعم فعلي من أمريكا وفرنسا والكيان الصهيوني بعناوين مخاتلة (أهمها الحل السلمي التفاوضي بين المغرب والبوليزاريو). ورغم كل ما فعله ملك المغرب من تطبيع رسمي وعسكري مع الكيان لم يستطع أن يفتكّ منه، ومن الولايات المتحدة، اعترافا بمغربية الصحراء. بما يعني أن ملف البوليزاريو ملف استراتيجي لدى الغرب.
نأتي إلى الموقف الجزائري الذي يتكفّل بدعم الكيان الصحراوي الانفصالي وتمويله وتسليحه ليظل نزيفا دائما في جسد المغرب العربي. الجزائر عندي هي الراعي الدائم للانقسام الأبدي في منطقتنا. وهي بهذا حليف موضوعي للاستعمار.. ويد من أياديه الباطشة. زد على هذا أن روسيا أيضا تميل مؤخرا إلى البوليزاريو.
تروّج النومنكلاتورا العسكرية الفاسدة الحاكمة في الجزائر عن نفسها أنها وطنية جدا بدليل مطالبتها فرنسا بالاعتذار عن استعمارها الوحشي للجزائر، وأنها ضد التطبيع مع الكيان، وأنها أميل إلى القطب السياسي العالمي الجديد بقيادة الصين وروسيا. وهذا ببساطة "ماعون خدمة" لا أكثر.
الموقف التونسي الأخير أفهمه في هذا السياق.. للأسف هو خطوة غربية تتقاطع فيها أجندات استعمارية متنافسة، ولكن جوهرها واحد.. وهو سياسة إدامة الصراعات وتعقيدها منعا للحلول الوطنية.. الممكنة جدا لو...
نحن ببساطة في طور استعماري متقدّم.