جرت انتخابات نواب الطلبة في المجالس العلمية.. وتنافس حولها هيكلان نقابيان طلابيان واحد يساري قومي دستوري والآخر إسلامي.
لم يتغير شيء كثير في قواعد الانقسام السياسي الطلابي منذ أواخر السبعينات.. أي منذ نصف قرن. خفت الوجود الإسلامي خلال زمن المجرم ثم عاد تدريجيا للحضور.. لتتقلص الانقسامات البين يسارية داخل الuget لصالح خارطة الخصومة الايديولجية القديمة :يسار ≠إسلاميين.
الغريب أن هذه الحرب الوجودية كانت محتدمة زمن الدكتاتورية يوم كانت كل الحركة الطلابية مجمعة على شعار "القطيعة السياسية والتنظيمية مع النظام".. ثم حدثت الثورة من خارج الشباب الطلابي تماما.. وهو أمر كان يجب أن يثير أسئلة وجودية حول حقيقة / وهم ما يسمى حركة طلابية.
لم يسهم الطلبة في إسقاط النظام.. ولكنهم سرعان ما استأنفوا حربهم الأزلية بنفس المضامين القديمة: الاسلاميون يتهمون ال uget بأنه من صنع النظام القديم وأنه ليس إلا فرعا لحزب الدستور الحاكم.. واليسار يتهم ال ugte بأنه منظمة الاسلاميين المنقلبة على مسار نضالي طلابي طويل لاستعادة منظمتهم التي افتكها الدساترة في انقلاب قربة.
دائرة مفرغة.. في قطيعة كاملة مع التحولات السياسية والفكرية الكبرى التي تشهدها البلاد.. والعالم. لذلك أستغرب المتابعة الحماسية لكهول جامعة الثمانينات لانتخابات العود الأبدي لايديولوجيات لاتاريخية مفرغة من مفردات الفكرة التاريخية.
يكفي أن نرى حصاد العبث الطلابي الثمانيني وضحالة التحصيل الفكري والإبداعي لذلك الجيل ولقياداته السياسية التي ملأت المشهد السياسي هراء وضحالة وعنفا وطفولية بعد الثورة.. وحجم الضرر الذي أصاب خيال أجيال من الشباب بسبب فيروس عصبية التأدلج الفِرَقي لنشعر بالحزن من أجل طلبتنا اليوم. طلبتنا الذين تتم إدارة معاركهم الوهمية من خارج الجامعة.
سيقول أصدقاء أن الجامعات في مجتمعاتنا التابعة والمستعمرة هي محاضن طبيعية لتيارات التحرير الفكري والسياسي.. ولست ضد هذا طبعا.. ولكنني لا أرى في ما يتوارثه الطلبة جيلا بعد جيل من مسلمات ايديولوجية مغتربة عن التاريخ الحيّ.. مسلمات يبنون عليها انقساما سياسيا طلابيا عبثيا.. إلا مصانع أبدية للوهم.. والعطالة الفكرية و المجتمعية الشاملة.