ما ذكره الصحفي غسان بن خليفة أمس في إذاعة شمس اف ام بعد خروجه من الإيقاف خطير فعلا. خطير، ولكنه سيمرّ كأن لم يُقل لأن المشهد السياسي والإعلامي تمّ إغراقه كليا بملايين المعطيات المصنّعة والمفبركة بهدف تمييع السياسة والتشكيك في كل شيء وبالتالي قتل الحقيقة.
غسان ناشط إعلامي ملتزم بقضيتين أساسيتين : مواجهة التطبيع مع الكيان العنصري. ومواجهة الحيف الاجتماعي والطبقي. تم إيقافه والتحقيق معه في قطب الإرهاب بسبب علاقة مفترضة بموقع تنظيم إرهابي. هذا الموقع نشر صورة ابنة ناشط افتراضي تونسي معروف. هذا الناشط قدم شكوى بالصفحة. وتبين من البحث التقني أن (L'adresse IP ) للجهاز الذي نشر الصورة مرتبط برقم هاتفه الشخصي. تم استنطاقه في الڤرجاني حول الأمر وأكد أنه لا يسمع بالموقع مجرد السماع.. ثم تم تحويله إلى العوينة ليتم بحثه حول مضمون تكفيري نشره في نفس الموقع.
بعد البحث تأكد لهم أن لا علاقة لغسان بالموقع. ومع ذلك تمسكوا بالاحتفاظ به لأن الموقع استعمل فعلا رقم هاتف غسان.. والأمر يحتاج تفسيرا.
الصحفي يرجّح أن جهة ما قرصنت هاتفه. لكن فرقة البحث استبعدت الأمر لأنه غير ممكن في تونس حسب رأيها. لكن غسان يتمسك بهذه الفرضية كتفسير وحيد :
الكيان الصهيوني هو الوحيد الذي سبق وهدد بملاحقة كل الناشطين ضد التطبيع. وهو تقنيا قادر على القرصنة. (ذكر غسان ما قرره مؤتمر صهيوني سنة 2016 من ضرورة ملاحقة واستهداف كل من يدعو إلى مقاطعة الكيان).
غسان أكد وجود وكالات أسفار في تونس تنظم رحلات مباشرة للكيان وتقوم بالإشهار بشكل عادي. قال أيضا أن شركة صهيونية متخصصة في الفلاحة تبيع تقنيات الري قطرة قطرة في تونس للفلاحة.. أي أن الوجود الصهيوني في تونس حقيقة وليس مجرد فرضية. وهو وجود فاعل.
في نقطة أخرى غسان يفترض أيضا أن هناك من يتعمد صنع مناخ من النقمة والغضب لدى الشباب بسبب ما رآه من اعتقالات عشوائية للشباب ورميهم في بوشوشة في ظروف لا إنسانية… غرف إيقاف مكتظة… أسبوع إيقاف من دون دوش… أكل رديء… الشباب يسبون سعيّد.
استنتاج شخصي : ما يجري من إثارة مفتعلة ومسرحية لملف التسفير.. وإفلات متعمد لموجات الحرقة.. وإيقافات سياسية استعراضية من قبيل إيقاف غسان.. كله من تخطيط غرفة الإلهاء (الصهيوني/الأجنبي/الإقليمي) لتوفير مناخ تمرير اتفاق الاستعمار الجديد مع صندوق النقد. مناخ ترهيب وفوضى وتضبيب كلي للمشهد يصبح معه التفكير السياسي الهادئ في حلول عقلانية لمسار الانهيار الشامل شبه مستحيل.
تبا.