سأجيب ببساطة.. لا. انطلاق نجيب الشابي في مشاورات تأسيس جبهة خلاص وطني تصوغ بديلا سياسيا عمليا عن الانقلاب الرثّ أثار ردود أفعال عجيبة داخل قواعد النهضة وعند "كتّابهم" المشهورين.
الأكيد أن قيادة النهضة نسّقت مع الشابي منذ أشهر. هي تدرك أنها في عزلة سياسية مطلقة ولا يمكن أن تجد حزبا معارضا واحدا يقبل بالالتقاء السياسي معها ولو تكتيكيا في مواجهة الانقلاب..( الخوض في أسباب هذه العزلة يحتاج تفصيلا). لذلك سلّمت قيادة المبادرة للشابي من باب التكتيك الذي لا يبتعد كثيرا عن الانتهازية.
مقابل هذا الموقف القيادي البراغماتي، ترتفع أصوات كثيرة مؤثرة داخل الرأي العام النهضوي رافضة تفويض الشابي لقيادة البديل المحتمل عن الانقلاب.. بحجة أن الشابي ليس مبدئيا وأنه بصدد توظيف الوزن الشعبي الميداني للنهضة لصالح طموحه السياسي الشخصي. الرجل عندهم ليس ديمقراطيا صميما بقدر ما هو صاحب طموح مَرَضي للسلطة.. بل يحمّلونه مسؤولية إخراج النهضة من الحكم زمن الترويكا.
لست معنيا بإثبات ديمقراطية الشابي عند جمهور يرى الأحكام الفقهية القديمة سقفا لا يمكن تجاوزه بعنوان الديمقراطية والحريات الفردية والعامة. يعنيني فقط ما انطلقت منه : مثل هذا الوعي لا يصلح مادة للسياسة. هو أقرب إلى انطباعية أخلاقوية مجردة.. بل هو رد فعل "جماعة" أو "طائفة" معنية ب"حصد" ثمار فعلها لنفسها قبل غيرها. فهي ترى أنها "أولى" برَيع نضالها من شركاء محتملين.. فإن لم يُتَح لها ذلك، ف"لا حلّت لا ربطت" أو "في الحفرة ولا ياكلوه الكُفره".
هذه آليات "التفكير السياسي" عند طيف واسع من الرأي العام النهضوي.
طبعا لا بد من الإشارة إلى أن قادة هذا الرأي يحذّرون أيضا من أن الشابي سيفرض عليهم تطبيعا ضروريا مع "اتحاد الخراب".. وهي عندهم كبيرة لا يمكن تسويغها بكل مبررات الدنيا.
هم لا يكتفون بوهم إمكانية إزاحة الانقلاب من دون اتحاد الشغل.. بل يرون أن إزاحة الانقلاب تمرّ بالضرورة عبر القضاء على اتحاد الشغل.. هكذا للأسف يخوضون السياسة ويريدون أن يكونوا بديلا.. يعني يخوضون حربا مقدسة ضد الجميع ممتلئين بوهم النقاء الأخلاقي الرسولي على طريقة سعيد.
الخلاصة.. تبا.