شكارة السميد زادت عشرة دينارات دفعة واحدة. يعني مئات آلاف الزواولة اللي يعيشوا على خبز الطابونة ويمتهنون بيعها في الأحياء الشعبية والأرياف وفي الطرقات والمفترقات يجوعون الآن. بعض أنواع المقرونة المدعومة غير متوفرة عند العطارة.
الميزانية الجديدة التي تم إقرارها بمرسوم رئاسي لا يقبل النقاش من أحد اعتمدت على الضرائب الموجهة لما تبقى من الطبقة الوسطى.
ببساطة.. ما يجري الآن هو رفع فعلي للدعم الذي حفظ للدولة منذ عقود هويتها الاجتماعية. ما يجري هو تطبيق تدريجي حرفي ذليل لبرنامج صندوق النقد الدولي حتى قبل عقد اتفاق معه.. يعني هو عربون خضوع مسبق لدوائر الاستعمار والنهب الدوليين.
نفس الوصفة التي نفذها انقلاب مصر يجري تنفيذها هنا.. يعني ببساطة غرفة الانقلاب واحدة.. وعلاقة هذه الغرفة الإقليمية بالمركز الاستعماري الخارجي المعولم لم تعد تخفى. علاقة ما زال ينكرها مرتزقة الانقلاب بعد أن تم تخديرهم بوعد القضاء على خصم سياسي بنوا وجودهم على استهدافه.
النهضة للأسف أصرّت على لعب دور الفزاعة التي تتوجه إليها كل الأنظار في حين أن المستهدف الحقيقي هو استقلال وسيادة بلد. لذلك يحرص الانقلاب على تزييف عنوان المعركة بافتعال مواجهة مع النهضة لصرف النظر عن برنامجه الاستعماري.
المؤسف أنه ينجح في توظيف جزء كبير من الطبقة السياسية في معركته الزائفة. وينجح في تخدير جزء كبير من العامة بشعار محاربة الفساد.. ويعمل على تحييد البقية بخلق مناخ من الخوف واللاقانون عبر الاختطاف والمداهمات ومنع السفر…
المأساة أن من يدّعون الدفاع عن حقوق الفقراء ويرفعون شعار الدولة الاجتماعية والتصدي لبرامج البنك الدولي (رفع الدعم والخوصصة والتفويت في كل المؤسسات العمومية ) ويتمترسون في النقابات.. هؤلاء يقفون بحمق وعمى في صف انقلاب لوبيات النهب .. تماما كما حدث لليسار والقوميين في مصر قبل أن ينتبهوا إلى حمقهم بعد فوات الأوان.. أي بعد تمكّن الدكتاتورية من كل مفاصل السياسة.
حاصيلو... تبا.