حالة رسام الكاريكاتير اليساري الذي تم إيقافه أمس بسبب رسوم سياسية سخر فيها من كفاءة رئيس الحكومة تمثل فعلا "نموذجا نظريا مدرسيا" لفهم "العجز البنيوي التكويني عن التفكير السياسي السليم".
السيد كهل (ليس شابا في طور اكتشاف السياسة)، مسيّس(صاحب رأي)، يساري (يستند إلى منهج في فهم قضايا الواقع)، وفنان أيضا (رسّام يشتغل بملكة الرمز والإيحاء).. ومع ذلك ساند انقلابا غامضا صادر الحريات السياسية وأسند كل السلطات لشخص واحد (كل الحيثيات الحافة بالحدث ثانوية جدا بالنسبة إلى المبدأ). التحمس الأعمى للانقلاب هو تجرد كامل من العقل ومن الإنسانية أيضا. العقل يقتضي بعض الحذر في مساندة البدائل الغامضة، والإنسانية تقتضي الانحياز إلى الحرية والحقوق الإنسانية المجردة.
لكن السيد "المراهق سياسيا والمتعصب ايديولوجيا والقاصر عقلانيا" انحاز إلى الانقلاب... قبل أن يكتشف بعد سنتين أنه ساند "شعبوية فاشية" (التوصيف ورد في صفحته)، وأن كل "وعود" الانقلاب زائفة ما عدا وعد إلغاء الحريات.
الأدهى، وما أنا متأكد منه، أن السيد الرسام وكل شركائه في المرجعية الايديولوجية، لو يخيرونهم بين استمرار إلغاء الحريات والديمقراطية والسياسة مع بعض الأضرار الجانبية التي قد تصيبهم هم مساندي الانقلاب، وبين عودة الديمقراطية التي تضمن الحقوق الأساسية لخصومهم السياسيين، لاختاروا الخيار الأول.
معناها.. تبا.