أو الشعبوية الغوغائية بنية تفكير راسخة في تونس...
نقابة التعليم الأساسي هي المسؤولة عن ضياع مصالح التلاميذ من أبناء الشعب الكادح وعن ضياع جهد العائلة التونسية التي تنفق من دمها على تعليم أبنائها، وهي مسؤولة عن انهيار المدرسة العمومية. والنقابات التي تحجب الأعداد وتتخذ التلاميذ رهينة هي نقابات مجرمة ولاوطنية ويجب محاكمة أعضائها والرمي بهم في السجون.
أعرف أن هذه الآراء منتشرة لدى العامة طبعا ( وأغلب ما يسمى بالنخب والمتعلمين عامة وعامة العامة أيضا)، إلى جانب أنها تمثل الرأي الرسمي للسلطة الذي يردده الوزير النقابي سابقا بروح "تجمّعية" مقطّرة. ولكنني تفاجأت من ترديد بعض المتسيسين الذين أشترك معهم في بعض المواقف لهذه الآراء وبحماس شعبوي لافت.
هذه الآراء تدور حول فكرة شعبوية جاهلة ومقيتة مؤدّاها الحتمي فاشي استبدادي.
اعتماد حجة خذلان العائلة التونسية من طرف المدرّسين المضربين يعني ببساطة منع وتجريم العمل النقابي بصفة مطلقة. لأن المدرس حين يضرب يضرّ التلميذ والعائلة. وعمال السكك الحديدية وشركات النقل ليس من حقهم أن يضربوا لأنهم يمنعون التلاميذ والطلبة والمرضى والعمال من الالتحاق بالمدارس والمستشفيات والمصانع. والممرّض ليس من حقه أن يضرب لأن وظيفته إنسانية وسيتسبب في موت أبرياء. وعامل المخبزة سيتسبب في موت الناس جوعا… إلى آخر هذه السلسلة الغبية من الحجج الغوغائية.
مؤدّى هذا التفكير هو فسح الطريق أمام لوبيات متنفذة تتحكم في دورة الإقتصاد المادي والرمزي وتهيمن على القرار السياسي طبعا.
العمل النقابي من أهم مكاسب المجتمعات الحديثة. ومن البلاهة التضحية به ومهاجمته بسبب فساد حقيقي ينخر النقابات كما ينخر كل أجهزة الدولة والمجتمع. مهاجمة النقابات هو انحياز موضوعي وغبي بعناوين أخلاقوية لمصالح لوبيات الفساد وللدكتاتورية.
ها أنتم ترون كيف يهاجم وزير شعبوي النقابة التي تربى فيها وصنعت شخصيته بمجرد التحاقه بالسلطة.
تبا.