خطاب نوعي جدا..
هو من نوع الكلام الذي لا يمكن التعامل معه بأدوات التحليل السياسي المدرسي الجاف، بل بالتقدير العميق والاحترام والاعتراف والشكر الصادق.
تحدث بشفافية إيمان أصدّقها عن "بركات مساندة غزة" في جبهة جنوب لبنان (الشروع الفعلي في تحرير بقية أراضي لبنان المحتلة، تثبيت معادلة ردع جديدة قوامها تحديد حركة العدو). وفي العراق الذي استأنف حرب التحرير ضد المحتل الأمريكي، وفي اليمن الذي أثبت، بعيدا عن المعادلة السياسية الداخلية، أنه شعب نوعي (ملايين المتظاهرين في مساندة غزة) وأنه بلد يعود إلى المشهد الدولي.
حين تحدث عن علاقته بصالح العاروري، القائد الحمساوي الذي أحبه أنا حبا خاصا، شعرت برجفة. تحدث عنه كصديق قريب يحبه ويعرف قيمته. وأنا أثق في العاروري أنه لا يمكن أن يقترب كل هذا القرب من شخص إن لم يكن جديرا بذلك.
في نهاية الخطاب وجدت نفسي أقبّل معه جباه وأيدي كل منخرط الآن بأي شكل، من قريب أو من بعيد، في استهداف العدو الصهيوأمريكي وفي إسناد أبطال غزة العظام وأهلها الصامدين الآن في وجه الإبادة.
من لا يستطيع أن يشارك في الملحمة.. يستطيع أن يكتفي بالخجل أمام من يحظى بشرف المساهمة فيها.
جنوب إفريقيا رفعت قضية ضد الكيان النازي لدى محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.
لمن لا يعرف جنوب إفريقيا من الأجيال الجديدة، هي دولة "ناجية" حديثا (1991) من نظام استعماري قبيح قائم على فصل عنصري بدائي على أساس اللون شبيه تماما بالعصابات التي اغتصبت أرض فلسطين وأطردت أهلها لتُحلّ مكانهم شتاتا بشريا من كل دول العالم وتقيم برعاية غربية دولة "يهودية" في تحدّ بائس ومهين لكل تاريخ العقل الإنساني.
دولة جنوب إفريقيا بهذه الشكوى أثبتت أنها وفية لنيلسون مانديلا العظيم. مناضل الحرية الذي كان يحب فلسطين ويؤمن بحق شعبها في التحرر.
لماذا لا يتحرك أنصار مسار التصحيح ل"مناشدة" زعيمهم (الذي يؤمن بالتحرير من الماء إلى.. الزيت، بالشعب المسلح وبالحرب البنّي بنّي طويلة الأمد) لينضمّ إلى دولة جنوب إفريقيا في دعواها ضد الكيان.. وهم الذين يملأون صفحاتهم بشعارات لا صلح لا اعتراف لا تفاوض لا كرموس؟
تي تبا.